البرج الصفاقسي: مسكن دفاعي على أطراف المدينة
البرج مسكن محصن كم يدل عليه اسمه: جدرانه سميكة، وضيق المساحة، شكله هرمي يجعله أقرب إلى القلاع منه إلى المساكن العادية، ويمثل وسيلة من وسائل الدفاع الخاصة احتاج إليه الصفاقسيون في فترة كثرت فيه الاضطرابات واعتداء القبائل المجاورة، وضعفت حماية الدولة، ولم تتغير هندسته إلا خلال القرن التسع عشر مع ظهور الأمن، وتطور الأوضاع الاقتصادية والديمغرافية.
تميزت صفاقس على مر العصور بجنانها المحيطة بها و كونت هذه الجنان غابة اتسعت و تقلصت حسب الأزمان فيها من الزياتين و الأشجار المثمرة و د نعتها البكري بألذ غابة. و في كل جنان اتخذ الصفاقسي لنفسه مسكنا يقيم فيه صيفا ليجمع الثمار و ينعم بالنسيم و شذى الرياحين، نعت بالقصر ثم عرف مؤخرا بالبرج، و أقدمها يرجع إلى القرن 17م. و قد كان البرج في القدم صغير الحجم قليل المنافذ هرمي الشكل ييسر الدفاع عن النفس في وقت كان الأمن غائبا. في القرن التاسع عشر حصل أمن نسبي وتقدم فلاحي وديمغرافي فترك بعض الصفاقسية المدينة ليستقروا بالأجنة وبذلك تطورت هندسة البرج نتيجة لذلك فتوسع وأضيفت أمامه ساحة فسيحة تسمى الحوش وبجانبها رواق ” برطال ” وبجانبها ساحة أخرى لحصر الدواب والحيوانات الداجنة ويسمى ” الروا ” سرة للنوم لها واجهات خشبية كما أحدثت به الشبابيك والدواليب والسقف المزخرفة وهي عناصر ألفها الصفاقسي ونقلها عن المنازل الحضرية.
أخذت الأجنة تزول شيئا فشيئا بسبب التقسيم نتيجة التوسع للعمراني وبنى الصفاقسيون مكانها منازل حديثة من نوع الفيلا متأثرين إلى حد بعيد بالهندسة الغربية وابتعدت الأجنة عن السور بينما كانت تلتصق به.