أسماء الذكور الأكثر انتشارا في صفاقس قديما

رجال يتبادلون الحديث أمام باب الديوان
رجال يتبادلون الحديث أمام باب الديوان

تطورت تسمية الذكور في صفاقس منذ القديم وكانت بارتباط وثيق بما شهدته المدينة من أحداث تاريخية أو بروز شخصيات من علماء و شيوخ و أولياء صالحين ورجال سياسة كان التسمي بأسمائهم إما تبركا أو إعجابا بسيرتهم. كما يعكس إختيار الإسم الذكوري ارتباطا وثيقا بالدين الإسلامي من خلال التسمي بأسماء الرسول ( محمد أحمد..) أو أسماء الأنبياء (يوسف، إبراهيم، يونس..) أو بأسماء الله الحسنى (عبد السلام، عبد الرحمان..). ولئن حافظت عديد الأسماء على شهرتها و مكانتها منذ القديم، اختفت عديد التسميات القديمة التى كانت تستعمل إلى أواخر القرن 19، و برزت عدة أسماء جديدة في تأثر واضح بالأسماء الشرقية خاصة منذ التفتح الحضاري على الشرق في ثلاثينات و أربعينيات القرن العشرين.

ففي دراسة علمية قام بها الأستاذ عبد الواحد المكني على عينة من 899 إسم ذكوري في مدينة صفاقس و ريفها في فترة تمتد من بداية القرن 17 إلى غاية 1957. نتج من البحث أن أكثر الأسماء الرائجة في مدينة صفاقس قديما: مُحمد: 26.5%، علي: 13%، أحمد: 9%، محمود: 6.7%، مَحمد: 2.7%. كما انتشرت أسماء أخرى مثل عمَر و حمودة.

بينما في المجتمع الريفي هذه الأسماء هي ضعيفة التواتر: محمد (5.6%) علي (4.6%) أحمد (2.7%). بل تتواتر أسماء أخرى مثل عبد الله (12%)، و صالح و الصادق. كما انتشرت أسماء لها علاقة بثقافة المجتمع الريفي منها: بلعيد، الجوادي، السنوسي، الناعس، الفيتوري، غلام، بوكثير، مبروك، معتوق…

عرض فروسية بريف صفاقس سنة 1942
عرض فروسية بريف صفاقس سنة 1942

ويفسر صاحب الدراسة هذا الاختلاف بين المجتمعين الحضري و الريفي في القديم بأن المجتمع الحضري كان مجتمع علم وثقافة دينية متطورة، فالأسماء المنتشرة في المدن كانت أقرب للأسماء المتداولة عبر التاريخ العربي الاسلامي مما يفسر بقاء أسماء مثل أبو الغيث، أبو العباس و أبو عبد الله لغاية القرن 19. أما بالنسبة للريف فقد خضع لمؤثرات ثقافية مختلفة لما شهدته المدن منها تأثيرات الموروث البربري كما فسر الأستاذ الشريف عدم استعمال الريفيين لأسماء الرسول إما احتراما له أو هي إحدى مخلفات التشيع الموروثة من العهد الفاطمي.

ومنذ مطلع الثلاثينات برزت أسماء جديدة عصرية لم تكن موجودة في المجتمع الصفاقسي القديم مثل أمين، أنور، بدر الدين، التوفيق، تيسير، جمال، الحبيب، رضا، رضوان، رؤوف، رشيد، زهير، صلاح الدين، العادل، عز الدين، مراد، المنجي، محسن، المنصف، منير، نور الدين، عزت، طلعت، عمر، فاروق… يفسر صاحب الدراسة ذلك بأن أغلب هذه الأسماء كانت  في علاقة مع الحياة السياسية بالمشرق (كمال، جمال، التوفيق، فاروق..)، وكانت في علاقة بأسماء أمراء العائلة الحسينية بتونس (المنصف، العادل، الحبيب، رؤوف…) و كذلك  في علاقة بأسماء اشتهرت في ميادين السنيما و التمثيل و الإذاعات و الطرب.

كما شهدت الأسماء الذكورية تطورا في جيل السبعينات و الثمانينات و حتى الآن تحت تأثير عدة عوامل ثقافية و سياسية و رياضية حتى أصبحنا نتحدث عن موضة في الأسماء تتغير من سنة لأخرى.

_____________________________________________________________________________________

د. وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.

المصدر: الحياة العائلية بحهة صفاقس بين 1875 و 1930. عبد الواحد المكني.

قد يعجبك ايضا