الدكتور رضا القلال : لماذا تقف صفاقس مع السيد محمد قويدر الر. م. ع لشركة “تبرورة” ؟

محمد قويدر
محمد قويدر

كان قويدر يحلم بأن تكون صفاقس مثل برشلونة ! من المهم أن نتحول من الحدث إلى تحليل الظاهرة. الحدث هو قرار وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية إبعاد السيد محمد قويدر الرئيس المدير العام لشركة تهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس ”تبرورة” عن مهامه. والظاهرة وقوف صفاقس، والمجتمع المدني بالذات معه في هذه المظلمة. وعدم تقبله لا من قريب ولا من بعيد بهذا القرار الذي يضرب في ذات الوقت مشروع تبرورة، ويطيح بالأمل الأخير لأهالي مدينة صفاقس.

لقد جاء السيد محمد قويدر كأي موظف على رأس مؤسسة شبه عمومية ولكنه تميز بخصاله وبعلاقاته الإنسانية واندماجه مع كل الأطراف بالمدينة من ناحية، ومن ناحية أخرى ارتقى بمشروع تبرورة من مشروع محدود على مساحة معينة من الأرض، إلى قاطرة لمدينة صفاقس يفتح لها آفاق المستقبل في التقدم والتنمية. ولهذا طوّر المشروع ووسّعه ليشمل الأحياء المجاورة، وليرتبط بوسط المدينة وتحويل محطة القطارات، وليضم الشواطئ القديمة لمدينة صفاقس، ويعانق الشواطئ الجنوبية للمدينة بعد غلق السياب. كما حظي المشروع- بحرص منه- باهتمام الحكومة وخصص له أكثر من مجلس وزاري، واتضحت معالمه، وتحول إلى منقذ كامل لما تردت فيه المدينة من فوضى مرورية ومعمارية ، وتلوث قاتل، وبيئة مدمرة للإنسان والنبات والحيوان. وهكذا أصبح فعلا مشروع تبرورة الأمل الأخير إلى سكان مدينة صفاقس بعد تردي بنيتها الأساسية وتوقف الاستثمار المحلي والأجنبي بها. علاوة على ذلك تمكن السيد محمد قويدر من إقامة علاقات مثمرة مع أطراف أوروبية آمنت بكفاءته وبقدراته ووضعت كامل ثقتها فيه على غرار البنك الأوروبي للاستثمار، والاتحاد من أجل المتوسط، وسلطات مدينة برشلونة، التي وجد منها كل الدعم والمساندة. والسيد محمد قويدر أول من اقترح بعث وكالة للتعمير بمدينة صفاقس التي دمرتها الفوضى المعمارية وغياب المخطط المديري والتخطيط المعماري، وبينت الدراسات أن صفاقس كانت شبيهة ببرشلونة، وأنه بالإمكان أن تصبح مثلها غدا. ونحن نتساءل ماذا فعلت وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية لمدينة صفاقس؟ وهل زار هذا الوزير مدينتنا. وهل اطلع على مشروع تبرورة بعد 8 أشهر على تسميته؟ وهل شاهد الكوارث البيئية التي تعاني منها مدينة صفاقس؟ الشيء الوحيد الذي قام به وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية هو إقالة كفاءة وطنية بدل مكافأته، وتحطيم آمال مدينة يعرف الجميع قيمتها وتاريخها ودورها ماضيا وحاضرا ومستقبلا. ل

ان مدينة صفاقس لا تنهزم هكذا يبين تاريخها الطويل (انظر المناضل محمد بكور، الماضي يضئ الحاضر ص.61-64). في سنة 1986 أراد عمر الشادلي وزير التعليم العالي آنذاك غلق المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس ونقلها إلى المنستير ولم تتخرج الدفعة الأولى منها. ولكن النواب تكفلوا بالدفاع عن بقاء المدرسة وفي مقدمهم المناضل الكبير محمد بكور الذي أبطل القرار بعد الساعة الخامسة صباحا وهدد الوزير بمنعه من الدخول إلى صفاقس. وسيسجل التاريخ للسيد محمد صالح العرفاوي أنه أوقف مشروع تهيئة السواحل الشمالية لمدينة صفاقس بتركه بين أيدي موظف جديد على قاب قوسين أو أدني من التقاعد، وأنه قضى على أحلام مدينة كاملة أفقدها الأمل الأخير في هذا المشروع الذي بلغ سقفه قبل الشروع في الإنجاز. وأن صفاقس تعاني عناء شديدا في البنية الأساسية، وتدهورا بيئيا لم تعرفه أبدا، وفوضى غريبة في التهيئة والتخطيط العمراني. والحصيلة هكذا نحن نقصي الناجحين، ونردم الأحلام باسم”التداول على المسؤوليات”.

الدكتور رضا القلال عن جريدة اليوم الإلكترونية

قد يعجبك ايضا