تاريخ علاقة صفاقس بالفسفاط
اكتشف الفسفاط لأول مرة في تونس من قبل فيليب توما على السفح الشمال لجبل ثالجة قرب المتلوي، وقد ساهم هذا الاكتشاف واستغلاله في تغيير بنية الاقتصاد التونسي وفي نمو اقتصاد مدينة صفاقس وأصبح منذ مطلع القرن 20 الثروة الأولى للمدينة.
بعثت شركة الفسفاط والسكة الحديدية بقفصة سنة 1897 واعطيت اشارة انطلاق مد الخط الحديدي الرابط بين المتلوي وميناء صفاقس ليتم تدشينه بعد عام واحد سنة 1898 بطول 243 كم الى ان اصبحت صفاقس اكبر ميناء لتصدير الفسفاط بالبلاد التونسية بلا منازع حيث اقامت الشركة مخازن ضخمة لاحتواء الفسفاط القادم من المتلوي الى درجة ان الصادرات بلغت في بداية القرن العشرين يوميا 6000 طن. تتالت اكتشافات المناجم ففتح منجم عميق بالرديف سنة 1903 وألحق بالسكة الحديدية الرابطة بين صفاقس وقفصة والمتلوي سنة 1907 . وتحولت صفاقس من مدينة مصدرة للزيت و الحلفاء و الاسفنج إلى أكبر مصدر للفسفاط.
كان الاختيار على صفاقس لتكون مدينة صناعية بامتياز منذ الفترة الاستعمارية فتم بعث مصانع ضخمة سنة 1948 مثل الشركة الصناعية للحامض الفسفوري والكيمياويات بصفاقس “السياب” ودشنت سنة 1952. ثم فتح مصنع “ن ب ك” بعد الاستقلال سنة 1961 وسط المدينة. ولكن مخلفات الصناعة الكيميائية المستخرجة من الفسفاط ملوثة للغاية وهذا لا تخفى عن أحد ونتائجه سيئة على الوضع البيئي والصحة العامة وضلت صفاقس تعاني التلوث حتى كان قرار غلق مصنع “ن ب ك” سنة 1991 و تم تفكيك تجهيزاته بين سنتي 1995 و1997 لصالح تهيئة الساحل الشمالي للمدينة. أما الآن يعمل المجتمع المدني بجد على ايقاف معمل “السياب” و تهيئة السواحل الجنوبية للمدينة.
ارتبط الفسفاط بصفاقس ارتباطا وثيقا منذ أكثر من قرن فهل تدير المدينة ظهرها لقطاع كان مساهما تاريخيا في تنميتها وازدهارها حتى يعتبره بعض المؤرخين تراثا صناعيا لصفاقس. إذا كان المشكل في التلوث، فهل من حلول تساهم في الحد من نتائجه الكارثية مع المحافظة على مكانة صفاقس في اقتصاد الفسفاط.
________________________________________________________________________
د. وليد العش. موقع تاريخ صفاقس.
عن كتاب صفاقس المدينة البيضاء لرضا القلال.