قرقنة : مياه البحر تحوّل المنازل الى جزر عائمة .. و أصابع الاتهام موجهة إلى إدارة التجهير بصفاقس
داهمت مياه البحر عمادة «مرسى العشرين» من منطقة الشرقي بجزيرة قرقنة وعزلت الأهالي بالكامل بعد أن تحولت منازلهم إلى جزر عائمة تحول دون خروجهم أو دخولهم .
وأطلق الأهالي صيحات فزع ونداءات استغاثة، بسبب الوضع الكارثي الذي عزلهم بالكامل وحال دون تنقلاتهم بعد أن غمرت مياه البحر والأمطار كل المسالك وعجزت الجهات المعنية عن التدخل في بلدية تعد من أفقر البلديات في تونس وأكبرها على مستوى المساحة الجغرافية.
مشروع غير مكتمل
ولئن أعاد المختصون في البيئة هذه الحالة التي تسجل لأول مرة بقرقنة إلى المتغيرات المناخية، إلا أن السبب الرئيسي حسب الأهالي ومكونات المجتمع المدني والمسؤولين المحليين إلى مشروع حماية الشريط الساحلي بقرقنة الذي بلغت تكلفته جمليا 10.6 مليارات ممولة من البنك الألماني للتنمية .
المشروع الذي باركه الأهالي، استكمل في السنة الفارطة، في جزئه الرئيسي القائم على وضع مصطبات ضخمة على الشاطئ تحول دون تقدم المياه البحر على حساب اليابسة، لكن متممات المشروع وروافده المتمثلة خاصة في تعبيد طريق بالمكان بتقنيات تعمل على سيلان مياه البحر والأمطار لم تستكمل رغم الدراسات في الغرض والتي أكدت وجوب تركيزها لمجابهة مثل هذه الكوارث التي كانت منتظرة حسب المختصين.
ولئن توقف المشروع دون استكماله، فإن الظروف المناخية لم تتوقف، بل سارعت الطبيعة لكشف كل الإخلالات الذي كانت على حساب المتساكنين، وقد تردد أن بعضهم يلوح بمقاضاة وزارة التجهيز ممثلة في إدارتها الجهوية بسبب التقصير الواضح في مشروع تفتتت أجزاؤه وضاعت المسؤولية فيه بين شركة حماية الشريط الساحلي والمجلس الجهوي والإدارة الجهوية للتجهيز ..
بلدية المكان وبالتنسيق مع الحماية المدنية تدخلت بمعدات متواضعة، بل أن رئيس البلدية منصف الفقير قال لـ « الشروق» أن بلدية قرقنة تعوزها كل الإمكانيات، فالميزانية التي لا تتجاوز المليار و 800 ألف دينار في شكل قروض، لا يمكنها أن تفي بالحاجة باعتبار أن جزءا منها توجه للإنارة والجزء الآخر للآليات المفقودة والرواتب وغيرها من المصاريف والنفقات البلدية خدمة ” لمواطن معزول ” .
حلول عاجلة
وعبر منصف الفقير صراحة عن عجزه – كبلدية – في مجابهة هذه الكارثة محملا المسؤولية بالكامل لمشروع غير مكتمل، طالبا الجهات المسؤولة جهويا ووطنيا التدخل بشكل عاجل لشفط مياه البحر التي تقدمت لأكثر من 100 متر على حساب اليابسة، مثمنا مجهودات الحماية المدنية والتي قال انها لا تفي بالحاجة مقارنة بحجم هذه الكارثة والكلام دائما له .
واستطرد رئيس البلدية قائلا، أن قرقنة المعزولة، تستوجب دعما بشكل استثنائي في كل المجالات الصحية والتنموية والثقافية وغيرها مع دعم بلديتها بالتجهيزات والآليات لمجابهة هذه الحالات التي باتت متكررة في بلدية « فقيرة « عاجزة عن مجابهة هذه الصعوبات .
أهالي قرقنة الذين يعانون من العزلة أصلا، ومن ارتفاع تكلفة الحياة، يطالبون بالتدخل السريع لشفط مياه البحر التي تقدمت بشكل كبير على حساب اليابسة ويحملون المسؤولية لـ « الدولة « التي لم تستوعب بعد معنى الحياة في الجزر ومعاناتها في أرخبيل يخفي وراء وجهه الجميل صعوبة الحياة وقساوتها .
المطلوب اليوم، التسريع باستكمال المشروع وتعبيد الطريق بتقنيات تساعد على سيلان المياه البحر و الأمطار – وفق الدراسة الموجودة في الغرض – لتتجه المياه إلى البحر لا إلى المنازل التي غمرتها المياه فحولتها بمنطقة الشرقي وبعدد مناطق أخرى كالعطايا والقراطن إلى جزر داخل جزيرة تعد من أفضل الجزر في البحر الأبيض المتوسط .
راشد شعور / الشروق