ماذا تعرف عن “حشيشة رمضان” ؟

الغضب -الصياححشيشة رمضان ببساطة هي مرادفة لمعاني الغضب وعدم القدرة على تمالك النفس والتحكم في الأعصاب أثناء شهر رمضان بحكم الصيام والانقطاع عن شرب المنبهات كالقهوة والابتعاد عن التدخين، فتجد البعض سريع الانفعال مهيئا لدخول في مشاحنات لأقل الأسباب.

وراج هذا المفهوم منذ سنوات في المجتمع التونسي وإلى حد أن البعض بات يتشبث به كشماعة للتغطية على أخطائه السلوكية الفادحة في شهر الرحمة واختبار الذات والوقوف على محك الصبر في كل شيء.

وهنا تظهر المفارقة العجيبة الغريبة، فشهر رمضان جعل لتربية النفس على الصبر والتعلق بأسمى الأخلاق والتسامح والتراحم والزكاة وتزكية النفس، وهي معاني روحانية جاء ليدربنا عليها شهر الصيام والقيام.

لكن في المقابل تطل “حشيشة رمضان” برأسها كجزء من موروث اجتماعي مبني على اجتهادات و تفسيرات مغلوطة وغير واعية بهذه القيم السامية لشهر الصيام، لتأخذ كبديهة لدى البعض الذين يتشبثون بها لتبرير انسلاخهم عن أخلاقيات الشهر الكريم، وهذا خطأ فادح في شهر يجتهد فيه الكثيرون لإصلاح أخطأهم على مدار السنة.

فمنذ اليوم الأول من شهر رمضان لا تنقطع قصص “حشيشة رمضان” في تونس، ومسرحها الأسواق ووسائل النقل العمومية والمؤسسات العمومية وحتى البيوت، فأينما كان هناك شخص ما يؤمن بأنه صائم ومتوتر، فان سيناريوهات الخلافات واردة في كل حين وقابلة للتأجج في أي لحظة.

وهذه السلوكيات الخارجة عن روح الشهر الكريم تجر تبعات خطيرة على قداسة الشهر نفسه وعلى الأشخاص المتشاحنين، فالانسلاخ عن أخلاق الصائم الحق مشكلة حقيقية لا بد من معالجتها ونشر الوعي حولها والتأكيد أن الصيام ليس امتناع عن الأكل والشرب فقط، وإنما منظومة سلوكية راقية في مدرسة الإسلام العريقة.

كما أن تعليق الأخطاء البشرية على وهم اسمه “حشيشة رمضان” خطأ ثان فادح، فهذا الشهر يربي النفس، ولا يطلق لها العنان لانفعالاتها ومهاتراتها بتلعة “الحشيشة”، فمدرسة الصيام تقوم على الأخلاق وتمتحن فينا هذا الجانب كثيرا، والسقوط في هذا الامتحان بالذات يعني أننا لم نستوعب من درس الصيام إلا الجوع والعطش

حشيشة رمضان في علم النفس:

من جانبه، يقول الطبيب المتخصص في علم النفس الدكتور الحبيب الوحيشي، إن هناك أسبابا موضوعية تؤدي إلى تغير سلوكات الأشخاص في رمضان، مثل عدم تناول الطعام على السحور، وحاجة البدن إلى المنبهات مثل القهوة والشاي، الذي يؤدي فقدانهما المفاجئ إلى التأثير على الجهاز العصبي للإنسان.

وشدد على أن ما سبق يؤدي إلى الشعور بالحرمان لدى فئة من الناس، ما يجعلهم عرضة للقلق وتغير المزاج، إلى درجة عدم القدرة على التحكم في أعصابهم في مواقف لا تستدعي الغضب أو الانفعال.

وهناك جانب آخر وهو نفسي بالأساس، حيث إن كل شخص يستقبل شهر رمضان على طريقته وبنيّته، ويوضح الدكتور الوحيشي أن الإنسان حين ينوي صيام رمضان ينبغي أن يتصالح مع نفسه، ويقبل الصيام كعبادة مقدور على أدائها، ويستبعد كل صعوبة من شأنها أن تشنجه.

ويضيف أنّ “الجسد المنهك يكون عرضة لتشنجات عصبية وانفعالية، ولكن إذا كان للإنسان الوعي الكافي والإرادة الكافية والوعي اللازم ينتفي هذا الإشكال، ويصبح من السّهل تجاوز الأمر”.

ويؤكد الدكتور على أهمية تناول سحور متوازن ومغذٍّ، خصوصا في الأيام الأولى من الشهر الفضيل، إلى حين أن يتأقلم الجسد مع الصيام.

 

وكالات.

قد يعجبك ايضا