مرور 130 سنة على تأسيس غرفة التجارة والصناعة بصفاقس… الغرفة التي صنعت هوية صفاقس الاقتصادية

غرفة التجارة والصناعة بصفاقس

قبل 130 عامًا بالتمام والكمال، وفي 20 نوفمبر 1895، وُلدت في مدينة صفاقس واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية في تاريخ الجنوب التونسي: الغرفة المختلطة للتجارة والزراعة بالجنوب، التي ستُصبح لاحقًا غرفة التجارة والصناعة بصفاقس (CCIS).
تأسيس الغرفة في ذلك التاريخ لم يكن مجرد إجراء إداري، بل حدث مفصلي وضع أسس الدور الاقتصادي لجهة صفاقس، التي ستتحول مع الزمن إلى قطب تجاري وصناعي ومالي من الطراز الأول.

تأسيس مبكر… وبصمة ريادية

جاء إنشاء الغرفة سنة 1895 خلال فترة الإستعمار، كهيكل اقتصادي يُعنى بتنظيم نشاط التجار والمستثمرين في كامل ولايات الجنوب. وهي تُعتبر آنذاك ثالث غرفة تُؤسَّس في تونس بعد غرفتي تونس وسوسة، ما يعكس أهمية صفاقس كمركز تجاري متقدّم منذ أواخر القرن التاسع عشر.

ومع بداية القرن العشرين، تجاوزت الغرفة دورها الاستشاري لتتحوّل إلى قوة ضغط واقتراحات، مدافعة عن المشاريع الحيوية للجهة.

محطة 1929: الميناء، السكة الحديدية، والزيت

شكّلت سنة 1929 محطة فارقة في تاريخ الغرفة، إذ لعبت دورًا محوريًا في:

إعادة بناء ميناء صفاقس وتطويره،
بعث خط السكة الحديدية صفاقس–قفصة،
إحداث مكتب الزيت بصفاقس وإدارته لسنوات.

هذه الإنجازات رسّخت مكانة الغرفة كفاعل تنموي حقيقي، يعتمد على شبكة من رجال الأعمال القادرين على التأثير في الخيارات الاقتصادية.

بعد الاستقلال: إعادة تنظيم واستمرار المسار

بعد استقلال تونس، تم إلغاء الغرف الاقتصادية القديمة سنة 1957، ليُعاد تأسيس غرفة صفاقس تحت اسم “الغرفة الجنوبية” قبل أن تُمنح تسميتها الحالية غرفة التجارة والصناعة بصفاقس سنة 1988، إثر توسيع مهامها لتشمل القطاع الصناعي.

وتواصلت الإصلاحات في التسعينات ثم سنة 2006 عبر قانون جديد أعاد هيكلة الغرفة وأكد دورها كمؤسسة عمومية ذات شخصية معنوية واستقلال مالي.

130 سنة من الحضور… ودور مستمر في اقتصاد الجهة

خلال أكثر من قرن، تحوّلت الغرفة إلى مرجع اقتصادي في صفاقس، وفضاء يجمع آلاف المؤسسات في قطاعات الزيت، الصناعة، التصدير، الخدمات والاقتصاد البحري.

صفاقس… مدينة تبني اقتصادها بنفسها

يمثل عمر الغرفة—130 سنة—مرآة لقصة مدينة لم تنتظر أحدًا كي تتقدّم. صفاقس بنت اقتصادها بمبادرات تجارها وصناعها، والغرفة كانت دائمًا الإطار الجامع لهذه الإرادة.

قد يعجبك ايضا