صفاقس ترفض الحرب على ليبيا

ولاية صفاقس
ولاية صفاقس

الواقع الجغرافي، والتقارير العسكرية والأمنية تؤكد ان صفاقس لن تكون الخط الأول في صورة حصول ضربة عسكرية خارجية على ليبيا، ومع ذلك صفاقس الرافضة للتدخل العسكري المحتمل على ليبيا على استعداد تام : عسكريا، أمنيا، صحيا، اقتصاديا واجتماعيا..
هذا ما أكده هذا التحقيق الذي طرحنا فيه السيناري الأسوأ أي ضربة عسكرية خارجية على القطر الليبي الشقيق والذي انطلقنا فيه من صفاقس لعدة اعتبارات : أولها العلاقة القوية والمتينة بين صفاقس وعديد المناطق الليبية والتي تتجلى في تقارب وتشابك العلاقات الاجتماعية والتاريخية والتجارية وغيرها، ثانيها الثقل الاقتصادي والخدماتي والصحي لولاية صفاقس، ثالثها مطار صفاقس وهو المطار الوحيد التونسي الرابط بين القطرين في هذه الفترة..
كل هذه العوامل وغيرها الكثير، جعلتنا ننطلق في هذا الروبورتاج من صفاقس، وكان لزاما علينا أن نخط الأسطر الأولى من خلال الموقف الرسمي والشعبي التونسي الرافض لأي تدخل عسكري على الجارة ليبيا لأنه لدينا ببساطة في التاريخ عبر وليس أدل على ذلك التدخل الأجنبي في افغانستان والعراق وسوريا واليمن.. بل التدخل الأجنبي في ليبيا عند بداية ثورتها..
الموقف التونسي الرسمي والشعبي واضح : الأزمات لا تحل بالتدخل العسكري والأمل في أن يجمع الليبيون أمرهم على الحل السلمي والتوافقي، وللأشقاء الليبيين في التجربة التونسية درس وموعظة..
ومع ذلك تستعد تونس لكل الاحتمالات والسيناريوات، ففي عالم تتشابك فيه المصالح المعلنة وغير المعلنة، كل الاحتمالات ممكنة، والاحتمال الأسوأ تتهيأ له الجارة ـ تونس ـ باعتبار ان المتضرر في الحروب ليس أرض الحرب فقط بل الأراضي المجاورة، هكذا قال التاريخ.. والواقع يقول اليوم تونس ستكون لاعبا أساسيا لا يقدر أحد القفز عليه.. بل وستكون أكثر الدول تضررا من التداعيات السلبية للحرب ان قرعت طبولها فعلا..

أكثر من قصة حدود
قبل الوقوف عند هذه الاستعدادات، رأينا من الصالح لأن ننطلق من الدولة المستهدفة أي الجارة ليبيا من خلال اتصال هاتفي مع الصحفي الليبي المقيم في طرابلس الزميل محمد أمبية الذي أكد يوم أمس لـ «الشروق» ان الوضع في دولته متأزم إلى أبعد الحدود مشيرا إلى كثرة التشكيلات وانقسامها بين الشرق والغرب الليبي والتي طالت قوات الجيش المنقسم على نفسه هوالآخر.
وأضاف المتحدث «أنه رغم هذا التأزم، يحرص كل الفرقاء والمواطنين الليبيين على أن تعالج الأمور داخليا دون تدخل عسكري أجنبي قد يدفع بالبلاد نحوالمجهول مضيفا «شخصيا لا أتمنى أي تدخل أجنبي على وطني».
وأضاف في صورة حصول هذه الكارثة أي التدخل العسكري الأجنبي، فإن تونس ستكون في مستوى الحدث، فالعلاقة بين القطرين الجارين أكثر من قصة حدود بل هي علاقات متينة رسمها التاريخ والجغرافيا والعلاقات الاجتماعية المتينة والمصالح المشتركة.
وأشاد الزميل الصحفي الليبي بالموقف التونسي الرسمي والشعبي الرافض للتدخل للعسكري الأجنبي مبرزا دور رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي الذي وصفه بالموقف العربي المشرف.
وشكك المتحدث في عدد الليبين المتواجدين حاليا بتونس والذي تؤكد وزارة الداخلية يوم الثلاثاء في بلاغ صادر عنها انه فاق المليونين والنصف أي أكثر من ثلث الشعب الليبي حسب كلامه، مؤكدا انه في صورة أي تدخل عسكري على بلده لن يتجاوز عدد الوافدين علينا في تونس الـ500 مواطن.
ومضى المتحدث قائلا « بحكم علاقتي القريبة بالمواطنين، أتوقع انه في صورة أي حدوث تدخل عسكري سيعود الليبيون من بلدهم الثاني تونس للدفاع عن حرمة وطنهم ومحاربة القوات الغازية والكلام دائما للمتحدث.

جاهزون طبيا ووقائيا
الحروب والكوارث تستوجب الاستعداد لها للحد من تبعاتها السلبية ولمساعدة أبناء الوطن المنكوب ولتقليص حجم الخسائر وتقديم يد المساعدة للفارين ومن أرض المعارك واللاجئين وللجرحى والمرضى..
ولئن لخص رئيس الهلال الأحمر التونسي الطاهر الشنيتي، هذه الاستعدادات بالتأكيد على وجود خلية تنسيق بين كل المتدخلين بإشراف وزارة الخارجية من صحة عسكرية وحماية مدنية والنقل وكل المعدات اللوجستية لمواجهة الأوضاع في حال حدوث التدخل العسكري بليبيا فأن المدير الجهوي للصحة بصفاقس الدكتور عماد معلول قال لـ«الشروق» ان إدارته جاهزة على كل المستويات في صورة ما إذا دقت فعلا طبول الحرب على الشقيقة ليبيا، وهوما تجلى حسب تاكيده في التنسيق مع الإدارات الجهوية المماثلة بالولايات التي الموجودة على الخط الأول ويعني بها مدنين قبلي وتطاوين.
ويؤكد الدكتور معلول أن الاجتماعات التنسيقية جارية منذ فترة بين الإدارات المعنية وأقسامها تحت إشراف وزارة الصحة العمومية التي اتخذت كل التدابير اللازمة في الغرض لضمان استقبال الجرحى والوافدين على تونس في صورة ما فعلا تحولت الشقيقة ليبيا إلى أرض معارك.
وعمليا، قال الدكتور أن إدارته جاهزة لمساندة كل الولايات الحدودية الثلاث سواء بالإطار الطبي أوالشبه الطبي والمعدات والتجهيزات وغيرها، وهي كذلك جاهزة لاستقبال الجرحى والمرضى من اللاجئين والمصابين بالأمراض المزمنة أوالجرحى والمرضى العرضيين والنساء والأطفال..
وتوقف المدير الجهوي للصحة عند قوله إن صفاقس على جاهزية في كل الاختصاصات الطبية اللازمة في مثل هذه الظروف والحالات الاستثنائية، مع استعدادها للتوقي من الأمراض المعدية وتقصي حالات الأمراض السارية وتقديم اللقاحات حسب الحالات.
وفي كلمة قال المدير الجهوي للصحة بصفاقس، رغم تمنياتنا بعدم حصول أي تدخل عسكري بالشقيقة ليبيا، نؤكد اننا جاهزون لمساندة الخط الأول ـ الولايات الحدودية ـ وجاهزون للجانب العلاجي والوقائي وكل أنواع التدخل الطبي والجراحي للمصابين والجرحى والمرضى وإيوائهم في أحسن الظروف الطبية والنفسية.
ومن ناحيتها قالت رئيسة قسم التصرف في الموارد الدموية بالمركز الجهوي لنقل الدم بصفاقس حياة شعبان الرقيق، لـ «الشروق» لا توجد إلى حد هذه اللحظة تعليمات خاصة في الغرض، لكن مع ذلك نحن كمركز جهوي على استعداد لكل الطوارئ والحالات الاستثنائية بفضل المخزون المتوفر لدينا.
وأضافت السيدة حياة شعبان الرقيق قولها، في بداية الثورة الليبية كنا في مستوى اللحظة بفضل توفر الاستحقاقات في الدم، ونحن الآن على نفس الجاهزية باعتبار ان عملنا يستحضر الحالات الطارئة ويحقق المطلوب من كل فصائل الدم لتختم قائلة « مخزون الدم موجود، والمركز جاهز لكل الحالات رغم تمنياتنا بعدم التدخل الاجنبي في الدولة الجار عسكريا..

كل المواد الاستهلاكية متوفرة
«لا ينقصنا أي شيء من المواد الغذائية، وسيجد الوافدون علينا من ليبيا كل احتياجاتهم..» هكذا اختزل المدير الجهوي للتجارة بصفاقس يسري الدمرجي الإجابة عن سؤالنا المتعلق بالإستعدادات في صورة حدوث حرب على القطر الليبي الشقيق.
وبأكثر تفاصيل قال يسري الدمرجي بعد أن تمنى كغيره من المسؤولين والمواطنين التونسيين أن لايقع أي تدخل عسكري على القطر الليبي الشقيق : يوجد لدينا مخزون من العجين الغذائي (خبز، مقرونة.. كسكسي) وغيره ما يفوق استهلاك 4 أشهر وما يفوق استهلاك 3 أشهر من السكر والشاي والقهوة وغيرها..
وبلغة الاٍرقام قال المدير الجهوي للتجارة بصفاقس لدينا مخزون ألف طن من البطاطا و50 مليون لتر حليب و80 مليون لتر ماء معدني ليخلص إلى القول لن ينقصنا ولن ينقص الوافدين علينا اي مادة من المواد الاستهلاكية ولن ترتفع الأسعار.

راشد شعور / الشروق

قد يعجبك ايضا