يهم حسن الزرقوني : ماذا لو فتحنا الحدود لساعتين ؟

خليل قطاطة
خليل قطاطة

بمرور السنوات تختفي رهبة اللقاء المباشر مع الجمهور من داخل “المهرج” ليتحول الأمر تدريجيا إلى ما يشبه ” الصنعة ” لينتهي به الأمر إلى التفكير في صعوبة وحيدة بعد كل عرض تتعلق أساسا بروتينية إزالة الأصباغ من على وجهه و إعادة تثبيتها بعد يوم أو يومين تحضيرا لعرض موال ليفكر أحيانا في البقاء بقناعه اللوني حتى حلول الموعد الموالي و إن تطلب الأمر أن يبقى بلا نوم أو حتى بلا أكل . بمغادرة آخر ” لود ” أو باخرة لميناء سيدي يوسف بجزيرة قرقنة خلال فترة السبات الشتوي وبعيدا عن الأحداث و التوترات التي تجعل من الجزيرة محط أنظار الإعلام و الناس يحدثك مرافقك عن توقف وقتي خلال الليل للعلاقة العضوية بين الدولة التونسية و الجزيرة للعزلة الفاصلة بين الطرفين حيث يجب أن تحصن نفسك من الأمراض الموجبة لنقلك خارج الجزيرة و حيث يجب أن تدعم علاقتك بالله قدر المستطاع حتى يلقي بكوارثه الطبيعية بعيدا و حتى يحمي كل الذين تعرف في الضفة الأخرى حتى لا تضطر إلى البحث عن طريقة لا وجود لها للتنقل و يحدثك هذا “الثلاثيني ” بنوع من الجدية الجزيرية أنه شاهد بأم عينه العاصمة “تونس” مرتين فقط الأولى حين تم ضبطه مبحرا بشكل سري إلى ” إيطاليا ” حيث تم ترحيله إلى العاصمة ” تونس ” و الثانية كانت حين هزه الشوق إلى العاصمة ” تونس ” فقرر أن يبحر خلسة بهدف أن يقع ضبطه و ترحيله حتى يرى بأم عينه عاصمة بلاده ” تونس ” و طبعا كان له ما أراد . تحدثك نفسك ” النبارة ” بالسوء و تسألك بشكل خبيث: ماذا لو فتحنا الحدود و حررنا التنقل بين الدول لساعتين اثنتين فقط ؟؟؟ ماذا سيجيبك حسن الزروقني مرورا باستطلاعات ” سيغما كونساي ” و توغل نفسك في السوء و السؤال و تحرجك أكثر فتقول : هل سيبقى في البلد من يستفتيه ” الزرقوني ” ؟؟؟ أنت الذي تعرف نفسك جيدا و تعرف مكامن ضعفها و مواطن قوتها فتجيب بكل ثقة “نعم ” للزروقني إجابة بل و له نسب جاهزة للرد حيث سيخبرك أن الرئيس “السبسي” يحافظ على مرتبته الأولى طبعا حيث يتمتع بدعم متواصل من لدن ” حركة النهضة ” و في تصريحه المنقول عبر تطبيق ” السكايب ” سيحاول ” الزرقوني ” عدم التعرض إلى أن موضوع فتح الحدود هذا قد انجر عنه بقاء شخصين إثنين فقط في ” تونس ” أحدهما لم تبلغه المعلومة و لم يوقظه أحد و الثاني لم يكفه الوقت لانشغاله في إعداد كوب من الليمون لتهدئة أعصاب “إسلامي غاضب ” بعد موقعة تصريح الأمن غير المضمون والذي تحدث فيه شيخ حركة النهضة “راشد الغنوشي” عن عدم جهوزية الأمن التونسي للدخول أفواجا و فرقا و طلائع تحت جناح حمامة النهضة يبدو أن الغنوشي لم يستوعب هذا الموقف المحرج الذي وضع فيه حركته بعد أن أدلى خلال الأيام الماضية بتصريح مماثل وربما أشد خطورة شبه فيه ” الدواعش “المنتشرين في الأرض قتلا و ترهيبا بالكائنات القطنية الناعمة مع استثناء بسيط وهو أنهم يمثلون” الإسلام الغاضب ” حيث لا يجوز تكفيرهم فقط لأنهم ينطقون بالشهادة و بعيدا عن محاولات مجلس شورى النهضة الرامية لتصويب ما اعوج من تصريحات ” الغنوشي ” فإن هذا الموقف لا يعتبر مطلقا زلة لسان أو خطأ إتصاليا كما ذهب البعض للقول سواء لجهل أو بقصد مبيت فنفس الموقف تقريبا صدر في بيان عن مؤسسة الأزهر في 11 ديسمبر 2014 لأنه ” لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه ” بحسب الأزهر دائما هذا مع إبقاء الباب مفتوحا أمام هؤلاء للتفاوض معهم و إرجاعهم إلى السبيل القويم بحثا عن إمكانية إدارة ظهرهم للتوحش بعد أن كانوا يديرونه . واكب الشيخ “راشد الغنوشي ” كل الفصول الممكنة بل و تمكن من التأقلم مع فصل ” الربيع العربي ” بعد أن رفض الخوض فيه في البداية و تمسك في بدايته بملابس ” الشتاء ” الثقيلة معتبرا إياه حدثا عابرا في الطبيعة و كتب في ذلك ” فصولا ” مطولة وواكب ” صيف ” سنوات الجمر بعد أن بلغ ” خريف ” العمر و لكن ” الغنوشي الذي عبر كل هذه الفصول بدهاء يبدو أنه قد سقط في امتحان ” فصل ” الدعوي عن السياسي بعد أن باح لا وعيه بما يعتمل في الداخل . تحدثك نفسك ” النبارة ” بالسوء من جديد عن السر الذي يكمن وراء فشل تجربة ” القلابس ” في تونس رغم بعض المحاولات الجيدة هنا وهناك و تجيبها بنفس الثقة المعهودة بينكما بأن هذه النوعية من البرامج تتطلب في الغالب بحثا و حفرا في شخصيات و في أخطاء السياسيين و الفنانين و العمل لاحقا على تكبيرها بتقنية ” الزوم ” ” Zomm” و إخراجها بشكل ساخر و مضحك غير أن الذي حصل في ” تونس ” هو أن الذين تجندوا لمثل هذه البرامج وجدوا أنفسهم مباشرة في واقع “كاريكاتري ” بطبعه تكون فيه الأخطاء الطبيعية و المعتادة بحجم ” الزوم ” و أحيانا تتجاوزه بمراحل فلا يجد المشاهد فرقا و تغييرا بين دمية السياسي و السياسي الدمية.

بقلم خليل قطاطة المصدر أسبوعية الشارع المغاربي 24 أكتوبر 2016
قد يعجبك ايضا