مجرّد رأي : نحن والآخرون | بقلم محمد الحمامي

مقبرة لمبادوزة

الكثير منّا لا يدرك أن الديانات السماوية تتقاسم أرقى القيم الانسانية التي تدعون حسب طقوس كلّ ديانة إلى التعامل بكلّ واجب الاحترام مع ضحايا الحروب والكوارث وغيرها مهما كانت جنسية الضحية أو عرفه أو لونه.

ضحايا الهجرة أصبحوا بالآلاف سنويا وكلّ الجثث الذي يقع انتشالها غالبا ما تكون بتونس وليبيا وايطاليا ومن المؤسف والعار أن لا يلاقي هؤلاء الضحايا أدنى حقوق التكريم لدى انتشالهم من البحر مرورا بالتعرّف عن هويّة الشخص أو أخذ العيّنات الجينية ووضعهم في المبرّدات إلى حين إتمام دفنهم بمقابر وفق الشروط المعمول بها بين كلّ الدول .

الاتحاد الأوروبي يكثّف من اجتماعاته بغاية مساعدة تونس على مواجهة هذا الملفّ الكبير والمفتوح منذ سنوات كان على سلطة الإشراف ووزير الصحّة دعوة هذه الدول لتركيز أقسام ” Morgue ” وتجهيزها بكلّ الوسائل والمعدّات الضرورية بكلّ من ولاية قابس وصفاقس والمهدية والتي غالبا ما يقع انتشال العدد الأكبر من الجثث من شواطئها ولا أعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي سيتردّد ولو للحظة في تقديم هذه الخدمة غير أنّ غياب الحنكة السياسية وإهمال الوضع من قبل السلطة أفرز أوضاعا وارتجالا على مستوى قبول هذه الجثث بصفاقس نظرا لمحدودية طاقة استيعاب هذا القسم في ثاني كبرى ولايات تونس …

مقبرة الغرباء التي تعمل مصالح بلديّة صفاقس على إحداثها جاءت بتسمية مثيرة مخلّفة أكثر من سؤال ؟؟ ألم يدرك البعض كيف يتمّ التعامل مع هؤلاء الضحايا في ايطاليا ؟؟ جزيرة لمبيدوزا الايطالية رغم صغر رقعتها الجغرافية قامت بتخصيص مقبرة جماعية للضحايا وهي اليوم أصبحت غير قادرة على استيعاب الضحايا الجدد ممّا دفع بالسلطات الايطالية للبحث عن حلول لفتح مقبرة جديدة …

هؤلاء من ادّعوا بأنّهم “الكفّار”لهم اعتقادا وسلوكا راسخا بمعاملة تلك الضحايا في أرقى طقوس الاحترام متشبّعين بالقيم الإنسانية التي كان علينا جميعا أن نتقاسمها كما يدعونا ديننا الحنيف ..ومن المفارقات أنّ هذه المقابر لم يقع إهمالها بتاتا بل دفع بالعديد من السكّان لزيارتها وتوزيع الزهور على المقابر وهي في أحسن حالاتها ….

أيّها الغرباء ..نحن شعب غريب كنت أتمني لكم أن تقذفكم الأمواج خارج هذا الوطن لتنعموا براحة وطمأنينة …نحن الغرباء عن انتمائنا لهذه القارة ..نحن الغرباء عن قيمنا الإنسانية ..نحن الغرباء عن هويّتنا العربية …نحن الغرباء عن الدين الإسلامي ..لكم جميعا السلام فأنتم في الأخير ضحايا الفقر والاستبداد في بلدانكم الذي دفعكم للارتماء في البحر.

بقلم محمد الحمامي

قد يعجبك ايضا