إعتذار إلى سوريا .. إعتذار إلى الشعب السوري : بقلم الدكتور فاروق الشعبوني

الحرب في سوريا
الحرب في سوريا

أنا فاروق بن الطاهر الشعبوني مهنتي طبيب منشئي مدينة صفاقس، تونسي الجنسية، عربي الهوية.

بعد ما شهد العالم بأسره الحرب الكونية ضد سوريا الحبيبة وقد شارك بالتناوب في هذه الحرب القذرة ما يقارب 360.000 إرهابيا من جميع أنحاء العالم (من 2011 إلى اليوم 2016). ضمن هذا العدد الهائل من المرتزقة يوجد ما يقارب الخمسة آلاف (5000) من سكان بلادي، تونس.
كل هته العصابات الإرهابية المجرمة التكفيرية القاتلة، ليس لها بعير ولا ناقة في بلاد سوريا. شاركت في الحرب ضد سوريا ليس إيمانا بالدين والحرية والديمقراطية، بل من أجل مال تدّره عليهم بعض أعراب دول الخليج العربي المعتدية على سوريا. فيبعث الإرهابيون هته الأموال عبر البنوك لأهاليهم في تونس.
خلفت هذه الحرب دمارا شاملا على كل الوطن السوري وخرابا في كل البيوت السورية. قتل أبرياء وخلفت الحرب أيتاما وهجرت أناسا كانوا آمنينا في بيوتهم، فأصبحوا غرباء في أوطان أخرى. دنس الإرهابيون أرض سوريا الحبيبة، الأرض التي كانت تطعم عدة دول أعرابية مجاورة من خيراتها الفلاحية، فزرعوا أرضها التي أطعمتهم ألغاما وقنابل وحرقوا الأشجار والنبات والبيوت.

كيف يمكن لي زيارة سوريا مرة أخرى وقد عرفتها من قبل وعرفت شعبها الطيب الحنون. كيف يمكن لي أن ألاقي سوريا وأنا حامل لجنسية بلاد كانت أصدرت بعض أحزابها الحاكمة سنوات 2012 و2013 عن وعي قتلة لشعبها الذي لم يكّن لتونس سوى الخير والمحبة. فقد دنس هؤلاء الأشرار الإرهابيين جنسيتي التونسية، لطخوها بالعار لأن بعضا من ناسها (5000) انتهكوا حرمة بلد آخر وأهانوا شعبه وقتلوا نسائه وأطفاله واستباحوا شعبه واغتصبوا نساءه وذبحوا بالمدية أمام أعين العالم رجالا نساء أطفالا شيوخا بلا رحمة ولا هوادة، بل فيهم من أكل أكباد وقلوب سوريين ذبحوهم بأيديهم. إنهم خربوا الحياة في بلد الشام.

علاقة تونس ببلاد الشام علاقة قديمة قدم الزمن. عليسة أتت إلى تونس سنة 814 ق.م من مدينة صور الشام وجبلت معها حضارة استوعبتها أمازيغ تونس. عليسة هي الهجرة الوحيدة إلى تونس التي لم تكن غزوا ولم تشمل حربا وقتلا وغنائم. ومن علاقة تونس بالشام في القديم، لما احتل الإسكندر الأكبر مدينة صور سنة 332 ق.م هاجر كثير من سكان الشام إلى قرطاج ليجدوا ملاذا آمنا عند أهلهم. وكذلك لما احتلت روما قرطاج سنة 194 ق.م ، وجد حنبعل وكثير من القرطاجنيين ملاذا آمنا في بلاد الشام، بلاد لهم بها أجداد.

نعم نحن أهل تونس نعرف حجم مصيبتكم والكارثة والطامة الكبرى التي نزلت عليكم لأن أهل تونس الذين يحملون في ذاكرتهم علّيسة، يحملون كذلك في ذاكرتهم آخر الويلات التي ذاقوها من دخول أعراب بني هلال إلى تونس، أولها كانت التي حرقت فيها مدينة قرطاج من جذورها على أيدي جنود روما سنة 149ق.م.

اليوم قد دنس بعض المأجورين المجرمين القتلة من بلادي أرض سوريا ولوثوا هوائها وسماءها فجعلوا جنسيتي ملطخة بالخزي وبها وصمة عار. كيف يمكن لأبنائي وأحفادي زيارة سوريا بدون خجل، حتى ولو طأطأت اليوم رأسي أمام كل من بقى حيا في سوريا لأطلب الإعتذار وحتى إذا منحني إياه فليس كافيا. وماذا أقول للجريح والمعاق الذي بقى على قيد الحياة، فجرحه سوف يذكره بالحرب قد يقول أوجاعي أو إعاقتي تسبب فيها إرهابي تونسي .

سوف تحمل تونس في جعبة تاريخها وللقرون المقبلة هذا الدنس.

فهل لهؤلاء القتلة الذين لا يزالون على قيد الحياة هل لهم الحق بحمل الجنسية التونسية ؟

إلى سوريا الحبيبة إلى شعب سوريا البطل إلى كل السوريين في العالم ومن الذين هجروها، إني أطأطأ رأسي أمامكم وأطلب الإعتذار عسا كم تمنحوني الصفح مما صدر من بعض أوباش بلادي تونس. لم أجد حيلا لصد الهجرة الممنهجة التي وضعتها بعض الأحزاب الحاكمة لبعث القتل والخراب والحرق إلى بلادكم.

قد يعجبك ايضا