كيفية الحد من ظاهرة البطء الإداري في تونس : بقلم إسماعيل الهدار

إسماعيل الهدار
إسماعيل الهدار

تعد ظاهرة البطء الإداري سببا رئيسيا لتراجع التنمية، إذ أن التعطيل الإداري و البيروقراطية المفرطة يؤثران سلبا علي سير المرفق العام. و عليه و لغاية الحد من هذه الظاهرة وجب علي المشرع التونسي السعي لإرساء منظومة قانونية ملائمة و متكاملة تؤسس لمفهوم جديد للقانون الإداري من خلال التخلي عن المفهوم التقليدي الذي انحصر في طابعه السلطوي’ الأمر الذي جعل منه أداة تخدم بالأساس الإدارة عوضا عن المنظور الإداري ألا وهو المواطن. و قد أضحي التكريس القانوني لمختلف الإجراءات الإدارية غير النزاعية حاجة ماسة تهدف لتحسين العلاقات بين المنظور الإداري و الإدارة من خلال ضمان إسهام أوسع و فعال للمواطن في إطار أخذ القرار الإداري. و يتجلي هذا الإسهام عبر تدعيم مفهوم الديمقراطية التشاركية و الاستشارية و تجسيدها صلب القواعد الإجراءات الإدارية حتى يتمكن المنظور الإداري من ضمان حقوقه كالحق في الدفاع و تعميم هذا المبدأ في جل القطاعات، معالجة المطالب الإدارية’ الإعلام و اتخاذ القرار في الآجال المعقولة.
و ضمن هذا السياق فإن هذا القانون يساهم بالأساس في دمقرطة الإجراءات الإدارية غير النزاعية من جهة و ضمان حسن سير المرفق العام من جهة أخري. علاوة علي هذا تهدف هذه القواعد الإجرائية لبلورة مجالا فعال للمراقبة من خلال تقيد سلطة الإدارة’ الأمر الذي يؤدي إلي التقليص مظاهر التعسف الإداري و عقلنه سلطة الإدارة.
كما تبرز أهمية تكريس الإجراءات الإدارية في إرساء مبادئ النجاعة و الشفافية و النزاهة التي من شأنها أن تساهم في تحسين مرد ودية العمل الإداري و التأسيس لمفهوم الإدارة الجيدة بماهو مبدأ حديث يحكم سير المرفق العام.
و تجدر الإشارة إلي أن خصوصية هذه القواعد الإجرائية الإدارية لا تنحصر في طابعها الحمائي لحقوق المنظور الإداري و طابعها الديمقراطي’ و إنما كذلك في السعي نحو ضمان حسن سير المرفق العام لغاية تحقيق المصلحة العامة. و تتجلي هذه الأهمية من خلال الـتأسيس لقواعد قانونية تهدف لمساءلة الإدارة عن تقصيرها في تسير المرفق العام كعدم احترامها للأجل المعقول في اتخاذ قراراتها’ و هو ما يساهم في تدعيم مجال المحاسبة من خلال الرقابة القضائية و التقليص من التعسف الإداري و البطء الإداري غير المبرر.
و أخيرا فإن هذه القواعد الإجرائية الإدارية غير النزاعية تعد عنصرا رئيسيا لدفع التنمية الاقتصادية من جهة و ذلك من خلال إرساء منظومة قانونية تهدف لتجنب مظاهر البيروقراطية و العبء الإداري و كذلك تسريع العمل الإداري لغاية استقطاب الاستثمار الأجنبي و المحلي باعتبار و أن القطاع الاقتصادي يحتاج دائما للسرعة.
و عنصرا هاما لضمان استمرارية المرفق العام من جهة أخري’ وفقا لمبادئ الحوكمة الرشيدة و متطلبات دولة القانون.

بقلم إسماعيل الهدار

قد يعجبك ايضا