يضرب 2200 امرأة سنويا : سرطان الثدي .. “غول” يتربّص بنسائنا

سرطان الثدي - تونس
سرطان الثدي – تونس

يعتبر سرطان الثدي من أخطر الأمراض التي تهدد حياة النساء. فهو ثاني أكثر أنواع الأمراض السرطانية شيوعا والأول في صفوف النساء في جميع أنحاء العالم.

وفي تونس لا يختلف الوضع الوبائي عما هو عليه في العالم. فهذا المرض من الأسباب الرئيسية لوفيات النساء. وهو يمثل نسبة 30 بالمائة من مجموع السرطانات التي تصيب المرأة.

ورغم أنّ الكشف المبكر يظل حجر الزاوية لمكافحة سرطان الثدي وتدعيم فرص الشفاء يبدو وأن الوعي بأهميته مازال ضعيفا في صفوف النساء والفتيات حيث عادة ما يتم إكتشافه في مراحل متأخرة لتتوسع دائرة المخاطر التي قد تصل حد الهلاك.

مبادرة جديدة
أطلق الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري برنامجا لتقصي سرطان الثدي عبر الفحص السريري بمركز الصحة الإنجابية بدوار هيشر من ولاية منوبة وذلك في اطار الشراكة مع هياكل حكومية ومنظمات المجتمع المدني. وهو مشروع يندرج في إطار الإستراتيجية الوطنية لمكافحة مرض السرطان، يهدف إلى مزيد التعريف بخصائص هذا المرض وتحسيس المرأة بأهمية التقصي المبكر لسرطان الثدي لضمان فرص اكبر للشفاء وتفادي إنعكاساته الصحية والنفسية والإجتماعية من خلال تعميم الفحص السريري للثدي على كل النساء المتراوحة أعمارهن بين 35 و70 عاما.

وكان تطبيق التجربة الأولى للتقصي المبكر لسرطان الثدي عبر الفحص السريري في مركز الصحة الإنجابية بأريانة الذي استقبل بين جانفي 2011 وديسمبر 2014 ما يقارب 8000 إمرأة خضعن لهذا الفحص لا يتجاوز معدل أعمارهن 46 سنة. وتشير النتائج الأولية لهذه التجربة إلى أن 3 بالمائة من النساء اللواتي خضعن للفحص تم إكتشاف إصابتهن بسرطان الثدي أغلبهن تحملن ورما تجاوز حجمه 3 صم وهو ما يقيم دليلا على النقص الكبير في الوعي بأهمية التقصي المبكر.

وللتذكير، فقد احتفل العالم، على غرار كل سنة، باليوم العالمي لمكافحة السرطان يوم 04 جانفي 2014. واختارت منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان هذه السنة شعار «السرطان ليس خارج نطاق قدراتنا»، وهو شعار يسلط الضوء على الحلول الموجودة والممكنة للتخفيف من إنتشار هذا المرض في العالم والحد من أعبائه على الأنظمة الصحية.

أرقام مفزعة !
تسجل تونس سنويا حوالي 2200 حالة إصابة جديدة بسرطان الثدي. ويرجح المختصون إمكانية إرتفاع الإصابات إلى حوالي 4000 حالة سنة 2024. ويبلغ انتشار هذا المرض في تونس 40 حالة إصابة لكل 100 ألف ساكن كما يرجح أن يفوق 50 إصابة لكل 100 ألف ساكن سنة 2024.

وقد أرجع رضا قطعة الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري أسباب تزايد عدد المصابات بسرطان الثدي في تونس إلى نقص الوعي بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي رغم الجهود المبذولة من قبل الهياكل الحكومية والجمعيات والمنظمات العاملة في هذا المجال. وإعتبر أن إكتشاف الإصابة بالمرض في فترات متأخرة، هو العائق الأساسي الذي تواجهه تونس في صراعها مع هذا الداء، موضحا أنه لا يتم إكتشاف الإصابة في نسبة كبيرة من الحالات إلا عندما يتجاوز حجم الورم ال4 صنتيمترات، مما ينجر عنه مضاعفات خطيرة على صحة المرأة وإرتفاع تكاليف العلاج والمتابعة.

وإعتبر قطعة، في هذا الصدد، أن التقصي المبكر لسرطان الثدي عبر الكشف السريري هو حل ناجع لتفادي تبعاته الخطيرة التي تصل الى حد الهلاك، مبينا أن الكشف المبكر يمكن من التفطن للمرض في المرحلة الأولى التي لا يتجاوز حجم الورم فيها الـ 2 صم حيث يكون العلاج سهلا وترتفع فرص الشفاء لتصل إلى 95 بالمائة في أغلب الأحيان.
وأشار محدثنا إلى أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري يسعى إلى تعميم هذه التجربة على بقية مراكزه في كامل أنحاء الجمهورية بهدف نشر هذه الخدمة الصحية وتقريبها من المواطنين من جهة وتنمية الوعي بأهمية التقصي المبكر للعديد من السرطانات خاصة منها التي تصيب المراة وسبل الشفاء منها والحد من إنتشارها.
وبلغت حالات الفحص المتعلقة بسرطان الثدي بمركز الصحة الإنجابية بمنوبة سنة 2014 الـ4091 دون تسجيل أية إصابة ومن المؤهل أن يرتفع عدد حالات الفحص إلى خمسة الاف سنة 2015.

«قد ما تفطن بيه بكري قد ما يسهل العلاج»
أكدت فيروز طريفة غربال قابلة إشراف بمركز الصحة الإنجابية بدوار هيشر على عزوف النساء وخاصة الشابات عن التقصي المبكر لسرطان الثدي، رغم توفر بعض الظروف الملائمة في المركز أهمها مجانية الفحص بالإضافة إلى توفير فضاء للشباب تقام فيه حصص تثقيفية وتحسيسية تحت إشراف مكونين مثقفين ووجود اخصائيين نفسيين يقومون بالتهيئة النفسية للنساء المقبلات على الفحص المبكر. ودعت غربال كل النساء التونسيات إلى ضرورة الإلتحاق بمراكز الصحة الإنجابية والمطالبة بالكشف المبكر لسرطان الثدي قائلة في هذا الصدد «قد ما تفطن بيه بكري قد ما يسهل العلاج»، واعتبرت محدثتنا أن إصابة المرأة بهذا الداء لا تمثّل خطرا على حياتها فقط بل على كل أفراد أسرتها الذين يتربص بهم التشرد العائلي. كما تطرقت محدثتنا إلى الأساليب الوقائية المبكرة المتمثلة أساسا في الفحص الذاتي، محذرة في هذا السياق، من العواقب الوخيمة التي قد تنجر عن صمت المرأة في حال إكتشافها لبعض التغيرات التي قد تحصل للثدي. كما نادت غربال بإجبارية الفحص مرة كل سنة.

أما الأخصائية النفسية رجاء الفقيهي فقد نبهت من حاجز الخوف الذي يحول دون إقبال المرأة على التقصي المبكر لسرطان الثدي رغم أهميته. وسلطت الفقيهي الضوء على أهمية توعية المراة والاحاطة بها من خلال الحوار المباشر وإستعراض بعض الحالات المطمئنة والمشجعة ليتم بذلك تشخيص المخاوف والهواجس والتخفيف من حدتها أو القضاء عليها.

التونسية

قد يعجبك ايضا