ويتواصل العمل بمبدأ: خارج أسواري لا يمت بصلة بداري… بقلم محمد العش

قمامة بأنهج المدينة العتيقة
قمامة بأنهج المدينة العتيقة

عادت بي الذاكرة إلى فترة التسعينات وفي إحدى سنواتها عين السيد علي الطرابلسي واليا على صفاقس وسئل عن برنامجه ومن بين ما قاله وفي هذا المعنى أنه سيحرص على أن يجعل الصفاقسي يعتبر الشارع جزءا من مسكنه.
أفهم من ذلك أنه سمع عن تصرفات الصفاقسية تجاه الشارع أو عايشهم المهم كان واعيا بما يقول وعارفا معرفة جيدة أن الصفاقسي حريص على نظافة بيته من الداخل لأن المرأة الصفاقسية شغلها الشاغل بيتها تنظيما وترتيبا ونظافة وتفرض على الجميع أسلوبا صارما على طريقة الجيش وهو أمر يحبذه الصفاقسي لأنه ينطوي على فوائد عديدة ويتقبل هذه الصرامة وقد ورثها أب عن جد … أما خارج المنزل فهو على غاية من التنظيم والنظافة والعناية الفائقة وكم تعبت جداتنا في كنس الفضاء الخارجي لمنازلهن ب”العرجون” بكل حرص وحزم رغم ما يتكبدنه من تعب وضنك…ولكن هل تعاملنا نحن الصفاقسية مع الشارع في نفس القيمة والأهمية التي نوليها لمنازلنا؟


للإجابة أقدم لكم هذه المشاهد التي تتكرر يوميا على مسرح شوارعنا وهي على سبيل الذكر لا الحصر كالعادة:
ـــــــ لا يتقيد أكثرنا بوقت محدد عند إخراج الفواضل المنزلية لذلك نجد أكياس الفضلات مصففة بانتظام على المادة والقطط عاملة فيها شانطي
ــــــ اخرج ليلا من بيتك وشاهد أسراب الجيران يخرجون فواضلهم من كل نوع ويرمونها في الشارع تحت جنح الظلام
ـــــــ شاحنات تلقي بالردم في الفضاءات الغير مسكونة وأحيانا على الرصيف
ـــــــ رأيت بأم عيني شاحنة تخليط الإسمنت تنظف صهريجها وتصبه في فضاء خاص وعيبه أنه غير مسيج
ـــــــ أغصان ” الزبيرة ” ملقاة على الأرصفة
ــــــ والمشهد الرشيق جدا أن بعض السواق يرمون أكياس الفضلات المنزلية من سياراتهم وهي تسير وتصوروا ما يحدث.

قمامة بأسطح المدينة العتيقة
قمامة بأسطح المدينة العتيقة


وإليكم هذه الحكاية وستستغربون أكثر وستقولون أن المسؤولية مشتركة:
قال لي أحد الثقاة أنه ذهب إلى البلدية ودفع معلوم رفع أغصان الزبيرة وبقي ينتظر أسبوعا كاملا بينما الجيران يضعونها في الشارع الرئيسي ليلا فترفع في الغد وبسرعة فائقة من قبل أعوان البلدية … ونصحوه بالتخلص منها بنفس طريقتهم ففعل وفي الغد لم يجد لها أثرا… هل فهمتم شيئا؟
أما آخر فقال لي أضع في الشارع كل ما أريد التخلص منه وأدس 10 د أتعاب العملة أصرها في قطعة كتان وأضعها في ثقب في الحائط وهذه الطريقة استحسنتها ووجدتها نافعة لي ولهم ( الصفاقسي عمرو ما يحير )… وفي يوم من الأيام وضعت لهم 5د فتركوا الفضلات في مكانها… ففهمت كل شيء… وتبقين يا صفاقس مدينة العجائب … وهذا أحد أسرار سحرك ودلالك …

محمد العش

قد يعجبك ايضا