رسالة إلى الأخ منصف خماخم … بقلم : رشيد الكرّاي

رئيس النادي الصفاقسي المنصف خماخم

سيدي الرئيس ، الآن وقد من ّالله عليك ببداية الشفاء ، نبتهل منه عزّ وجلّ أن يسبغ عليك كامله في عاجل الأيام ، حتى تعود لأسرتك أوّلا سليما معافى ولكل أحبّائك وأصدقائك المخلصين ، وأنت تنعم بتلك الشحنة العالية من الحيويّة والنشاط ، والرغبة الجامحة في العطاء والنجاح وتغمر كل المحيطين بك بمشاعر المحبّة الصادقة وإشاعة أجواء الفرح والسعادة والحبور .

الآن ورغم ما لحق بك من اعتلال في الصحة ، أبيت إلاّ أن تواصل قيادة سفينة النادي بكل شجاعة ورباطة جأش ، رغم نصح الكثيرين لك بالابتعاد ، رافضا تركها تصارع الأمواج العاتية لوحدها ، وشرعتَ في اتخاذ ما تراه مناسبا من قرارات تحضيرا للموسم الرياضي القادم ، وتهيئة ظروف النجاح له . لكن اسمح لي سيدي الرئيس بالقول إن باكورة هذه القرارات لا تنبئ بخير ، بل بتأبيد اللّخبطة في الاختيارات والقرارات التي طبعت مسيرة النادي في الموسم المنتهي وأثّرت على نتائجه وصورته ومكانته كأحد أعمدة الرياضة في تونس لا فقط في كرة القدم بل في أكثر من رياضة .

وإذ أعتبر نفسي أحد أبناء النادي المخلصين ، فإنّى أرى أنه من واجبي أن أخاطب حلمك وأريحيّة صدرك ، لتقبّل النصيحة المخلصة الخالصة والانتباه لما قد يصدر عنك من قرارات صحّ خطء مثيلاتها سابقا ، دون تبخيس فيما حققته من نجاحات لفائدة نادينا ، أو نكران لتضحيات تجشّمتها لوحدك ، وليس من باب كل ناجح محسود .

ومقولة كل ناجح محسود هذه ، فيها الكثير من الصواب ، لكنها في كثير من الأحيان تضلّل الناجح نفسه ، إذ تحمله على الإتيان بأقوال أو مواقف يرفضها كل عقل ومنطق ، ولا يجد حرجا عندها من الردّ على منتقدي ورافضي تلك الأقوال والمواقف بأنّهم يستهدفون شخصه ، وهم حفنة من الحاقدين والكارهين ساءهم ما يعتبره نجاحات في مجال نشاطه .

والحقيقة أن الحاقدين والكارهين يوجدون حيثما يوجد العمل والفعل ويتربّصون بأقلّ هفوة أو تقصير لتبرير مواقفهم العدائية بشكل يمكن اعتبارهم مرضى نفسيين أو مرضى بقلوبهم ، لكن في كثير من الأحيان يكون الشخص المستهدف هو مَن صنع تلك الأمراض ، ومَن أجَّج تلك النيران الحارقة التى أصابه منها شرر ، وظلّ يتجاهل صهدها وينظر لمرآته المزيفة ، أما لو التفَت خلفه لحظة ، ودقّق النظر، فسيجد مرآة الحقيقة وراءه ، تتلألأ فى وضوح ، وسيرى وجهه الفطري فيها عابسًا مكفهرًا ، دقِّق النظر إليه واسمع صوته وتمَعّن فيما سيخبرك!.

سيصدح بالحق ، وسيخبرك بأن الكراهية بنت القهر والتزييف والظلم ، وسيشرح لك كثيرًا مما فعلتَ سابقًا دون أن تدرك أو تتذكر، سيُحدِّثك عن كثير من هؤلاء الكارهين بأنهم صنيعتك أنت ، فمنهم مَن كان فى جيبك وسقطوا منك أثناء صعودك ، ومنهم مَن كان يدًا لك لكنك قطعتَها بحدة وتركتَها تقطر غلًا.

سيخبرك بأنك أحيانًا كنتَ تكذب على شخص لتنتصر لآخر، وكنتَ تفتتن على هذا لتساند ذاك ، وكنتَ تُقرِّب هذا لتُبعد ذاك ، وكنتَ تجحف بهذا من أجل ذاك ، وتكشف سترَ هذا وتسخر ، فيضحك ذاك .

وبين كل هذا وذاك مصلحة لذاتك ومآرب أخرى ، حتى تَجَمّع المقهورون ليتفقوا أنك لم تكن طيبًا كما ترى نفسك ، معلنين استحقاقك الكراهية بكل جدارة ، فهل رأيتَهم جميعا فى مرآتك المزيفة وأنت تدعو الله بالانتقام لك ، هيهات!.

لقد كنتَ موهوبا فى صناعة أعدائك ، وصقلتَ موهبتك بالمكابرة والتمادي فيها ، وأبدعت فيها بنسيانهم . لقد حوّلتَ كل ممارساتك إلى فن، يسمّى “صناعة الأعداء” ، فحاول أن تثوب الآن إلى رشدك وأن تنظر في وجوه الكارهين لك ، ربما تعرف السر، فتُحسن إلى مَن آذيتَ منهم ، قبل أن يلتهمك فنّك ويرتدّ دعاؤك عليك ، فليست كل الكراهية حقدا، ولا كل الحب إحسانا، بل وكما يقال ومن الحب ما قتل .

قد يعجبك ايضا