ما هكذا نصلح حال المدرسة

ناجي جلول
ناجي جلول

اليوم يضرب الأساتذة عن الامتحانات وقبل ذلك أضربوا عن التدريس من أجل مطالب أجمعت كل الأطراف على شرعيتها ولكن مع ذلك نجد لفيفا واسعا من الأولياء يطعن في المدرسين في علمهم أو في أخلاقهم أو في كفاءتهم المهنية وكم تعقد من المقارنات في هذا الصدد حتى لكأن جميع الناس خبراء في التربية والتعليم واليوم أيضا صار مألوفا لدى الصغير والكبير التطاول على المدرّس وتعنيفه وإهانته والمسّ من كرامته وكبريائه بل وحتى تأليب الرأي العام عليه مباشرة أو عبر وسائل الإعلام أفبهذا الصنيع نحفظ للعلم حرمته وللمدرسة هيبتها وجلالها؟ وهل هذه هي سبيل التحضر والتقدم ؟ فكيف يطلب الناس إلى المعلم أن ينشّئ أبناءهم على الاعتزاز بالنفس والدفاع عن الكرامة والمعلم يشعر بكرامته تُهدر ويرى الأولياء يهينونه وينقصون من قدره ويستخفون بعلمه؟ كيف يطلب الناس إلى المعلم أن يزرع في نفوس أبنائهم الروح الوطنية والولاء للوطن والمعلم يشعر أن الوطن يتخلى عنه ولا ينصفه ؟

أفلا يشعر جميع المشككين في المدرّس أنهم بصنيعهم هذا يخربون المدرسة؟ أفلا يشعرون بأن إفقاد المدرّس الثقة بنفسه مآله ضياع المعلم والمتعلم على حد سواء؟

هل فكّر هؤلاء على أيّ خلق سينشّئ المعلم الجيل الجديد ؟ هل يطلبون أن ينشّئه على الكراهية والبغض والشك والازدراء بينما أساس التعليم المحبة والاحترام؟

والذين يستعدّون لإصلاح المنظومة التربوية بمن سيصلحونها؟ من هم جنود الإصلاح ؟ من هم الذين سيبنون البرامج وسينفذونها بإخلاص ؟ أليس المدرسين؟ إن المدرّس بحق جنديّ في حقل التعليم نعم إنه لكذلك فهو في حرب يومية حرب العلم ضد الجهل وحرب النورضد الظلام وحرب الأخلاق ضد الانحراف يخوضها وحده بلاسند من أحد وبسلاح من اختراعه الشخصي يتدبره كل ليلة ويسهر من أجله يذو‘ب فيه نور بصره لأنه يحلم بإسعاد تلاميذه وينتظر أن يرى أعينهم تلتمع عند التقاف كل فكرة جديدة أو معلومة طريفة.

إن من يشككون في المدرّسين هم في الحقيقة يفسدون رأي التلاميذ في معلميهم ورأي المعلمين في أنفسهم ورأي الأولياء في من ائتنمنوا على أبنائهم وهذا بحق العلامة الدالة على إفلاس التعليم.

سيّدي الوزير …. أنت رجل علم وتدبير وأنا لا أشك في أنك لا تريد بالأساتذة شرا ولكن مع هذا أرجو أن لا تضطرّهم إلى حال منكرة يفقدون فيها اعتزازهم بمهنتهم فتخسرهم جميعا ويؤول الأمر إلى ما آلت إليه تجربة التسعينيات وقاك الله عثراتها.

ابراهيم بن صالح متفقد عام للتربية متقاعد

قد يعجبك ايضا