مهرجان صفاقس الدولي : بعد “ويكلو” الذهاب .. الزيارة تبدع في “لقاء” العودة

 

عرض الزيارة  - مهرجان صفاقس الدولي
عرض الزيارة – مهرجان صفاقس الدولي

بعد عرض الزيارة الذي أقيم يوم 11 جويلية الماضي بالمسرح الصيفي سيدي منصور خلال فعاليات مهرجان صفاقس الدولي في دورته السابعة و الثلاثين و بعد ما تعرض له هذا العرض من سوء حظ خلال هذا العرض من انقطاع للكهرباء بفضاء المسرح و من برمجة أخرى مرتجلة بغير تنسيق لحفل فني آخر بوسط المدينة في نفس الموعد و التوقيت الأمر الذي كان له بالغ الأثر خصوصا على الحضور الجماهيري .

لقاء عودة الزيارة تمت برمجته ليوم 9 أوت إيمانا من هيئة المهرجان برئاسة الدكتور لسعد الزواري بأن هذا العرض الفني لم يأخذ فرصته كاملة في صفاقس .

العرض كان وفيا للسمعة التي سبقته حيث كان جليا منذ البداية أن الأمر لا يتعلق بعرض موسيقي فحسب بل بعرض متكامل يجمع بين الموسيقى و الرقص و المسرح اعتمادا على لعبة توجيه الألوان على الركح وفقا للون الموسيقي المراد تقديمه في كل وصلة و لئن كانت لعبة  الأضواء و الألوان تتنوع لفصل لكل مقطع موسيقي عن الآخر فإنها كانت في جانب منها محيلة على أغان و زوايا دون غيرها .

التفاصيل .. ميزة الزيارة عن بقية العروض المشابهة

كثيرة هي العروض التي تناولت التراث الموسيقي الصوفي في تونس بالبحث و التقديم غير أنه من الجائز اعتبار مجمل هذه العروض في كفة و اعتبار عرض ” الزيارة ” في كفة ثانية لعدة أسباب موسيقية و تقنية يمكن اعتبار أنه و للمرة الأولى يقع تقديم تراث العوامرية و العيساوية في عرض مشابه و ذلك بالبحث أولا و بالتقديم و التجديد في مقام ثان بإدخال آلات غريبة على هذا النمط الموسيقي كالكمنجة و” الباتري ” و من ثمة تطويع الموسيقى المقدمة إلى ألوان موسيقية أخرى كالفلامنغو على سبيل المثال الأمر الثاني الذي يميز الزيارة عن مثيلاتها من العروض هي أن العمل قام على إبراز التفاصيل التي تقع خلال كل “زيارة ” حقيقة حيث يكون للموسيقى دور في خلق جو من ” التخميرة ” نجح سامي اللجمي في تصويرها بالتفاصيل الدقيقة من خلال الفتيات اللواتي أدينها حسب كل زاوية و حسب كل طريقة يقع تقديم موسيقاها هذا بالإضافة طبعا إلى دور خادم الزاوية الذي أدى دوره بشكل لافت ” ماركوس ” و هو الوحيد الذي يملك حرية التنقل بين المنشدين و العازفين و الفتيات و هو المكلف بالسيطرة على الفتيات اللائي يدخلن مرحلة التخميرة و الخروج عن الوعي . كما لم يهمل اللجمي أبسط التفاصيل الأخرى من الساقي الذي يمر بين المنشدين بشكل غير منتظم و عفوي و مشعلي الشمع موزعي الياسمين كذلك و غير ذلك من التفاصيل الصغيرة و المهمة في كل زيارة حقيقية .

الكوريغرافيا و تقنية خيال الظل هي تقنية مسرحية بامتياز تم توضيفها بشكل محكم في عرض الزيارة باعتماد راقصين من خلف الستار كان لحضورهم رفقة راقصي الصف الأمامي و رافعي الرايات الكبيرة أثر بصري متناغم مع الإيقاع و الإنشاد كان له وقع كبير في نفوس الحاضرين الذين تفاعل أغلبهم بالرقص و الاندماج في هذا الركن الداخلي الخفي الذي يلتقي فيه التونسي مع هذا النوع من الموسيقى .

كان لحضور منير الطرودي الأثر الإيجابي في عرض الزيارة حيث كانت مداخلته في الربع الأخير من العرض بتأدية أغنيتين أبرزهما ” راكب على الحمرا ” و الطرودي وفي لطرودي البدايات حيث يحافظ على القدمين الحافيتين اعتقادا بأن التواصل المباشر مع الأرض يعطي شحنة مضاعفة فوق الركح و بعيدا عن منطق النجومية فالطرودي في الزيارة واحد من العشرات الذين يؤمون طريقة صوفية أو زاوية للإنشاد للتجرد من الدنيوي و الدخول في حالة من التواصل والارتقاء الروحي .

قد يعجبك ايضا