النادي الصفاقسي : هل غادر الفريق دائرة الرباعي الكبير في تونس ؟

لطفي عبد الناظر
لطفي عبد الناظر

قد يبدو العنوان صادما بعض الشيء بالنسبة لأحباء النادي الرياضي الصفاقسي وقد يقول البعض بأن فيه شيئا من المبالغة أو حتى التحامل على الفريق الاول في عاصمة الجنوب ولكننا نترك هنا الحكم للقارئ من اجل الإجابة عن السؤال في نهاية المقال بنفي السؤال المطروح في العنوان او بتأكيده. وبادئ ذي بدء يجب التذكير بأن النادي الرياضي الصفاقسي ليس اسما فقط وانما هو تاريخ مجيد وحافل بالبطولات والأم الحاضنة لأبرز اللاعبين في تونس وافضلهم على الاطلاق وخاصة ساحر الأجيال حمادي العقربي وغيره من الافذاذ الذين لا يتسع المجال لذكرهم كما يكفي الفريق فخرا انه حاز كل بطولاته وكؤوسه بشرف ودون اعانة من اي أحد وخاصة الهياكل المسؤولة عن اللعبة في تونس او أصحاب الزي الأسود في العقود الماضية. ولكن ذلك لا يحجب الفترة القاتمة والحالكة التي يعيشها الفريق في الموسمين الأخيرين والتي لا تليق باسمه ولا بعراقته ولا بقاعدته الجماهيرية العريضة فلا يخفى على احد من متابعي نشاط النادي الأول بصفاقس على ان هذا الاخير يعيش مرحلة شبيهة بولادة قيصرية لا يعلم الاطباء فيها هل سيكون الجنين سليما معافى أم سيولد ميّتا. وسوف نورد تباعا عدة معطيات تؤكد كلامنا الذي نسوقه بعد فترة طويلة من السكوت أعطينا فيها المجال للجميع من أجل تدارك ما فاتهم ولكن تجري الرياح بما لا يشتهيه احباء الفريق.

«إذا كان ربّ البيت للطبل ضاربا»
لا يختلف عاقلان على ان نجاح أي عائلة هو مرهون اولا وقبل كل شيء بطبيعة العلاقة بين الأبوين فإن كانت هذه العلاقة جيدة فإن الاستقرار هو مصير الابناء والعائلة عموما واذا كانا متناحرين وتجمعهما عدة مشاكل فدون شك سينعكس ذلك بالسلب على العائلة، والعائلة التي نقصدها هنا هي كبيرة وتجمع كافة الاطياف وحتى الجنسيات بما ان النادي الصفاقسي يعشقه الآلاف حتى من خارج الحدود ومن المعلوم ان العلاقة داخل الفريق وخاصة بين رجالاته سيئة إن لم نقل متردية ونقصد بالأساس الرئيس لطفي عبد الناظر ونائبه الاول المنصف خماخم ورئيس لجنة الدعم المنصف السلامي وليس أدل على ذلك من خروج بعضهم لنشر غسيل النادي على شاشات التلفاز وعلى مرأى ومسمع من الجميع وهو ما لا يليق بحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم عكس الفرق الأخرى ونذكر هنا بالتناحر الذي حصل بين حمدي المدب ورياض بالنور في فريق الترجي والذي لم يسمع به احد وكأن كل شيء على ما يرام في وسائل الاعلام وايضا التكاتف والتآزر في عائلة النجم الساحلي واما في عاصمة الجنوب فالكل على بينة مما يجري في الفريق وقد خيرنا الصمت في عديد الاحيان رغم إلمامنا بكل الجزئيات صغيرها وكبيرها لعل الامور تتحسن ولكن هيهات.

استراتيجيا العمل مربط الفرس
يجب ان نؤكد قبل كل شيء على اننا ننزه اي شخص من محاولة عرقلة مسير الفريق ولكن ما سنورده من شأنه ان يؤكد على ان بعض الأخطاء ساهمت في العثرات التي حصلت للنادي والتي جاءت بسبب الخلافات بين ابناء العائلة الواحدة قبل كل شيء والتي تعود الى اختلاف وجهات النظر بين الرجلين القويين في الفريق لطفي عبد الناظر والمنصف خماخم حيث يتمتع كل منهما باستراتيجيا عمل مختلفة عن الآخر، وتعود اولى الخلافات الى مباراة نادي حمام الانف والتي انتهت بالتعادل بين الفريقين مع مردود تعيس من جانب ابناء المدرب غازي الغرايري حينها انجرت عنه مناوشات بين ركيزتين من ركائز الفريق تمادت الى نشوب خلاف حاد داخل حجرات الملابس فقرر خماخم حينها معاقبة اللاعبين ومعهما قائد الفريق بسبب عجزه عن الاحاطة بزملائه وهو ما تقتضيه مكانته وهو امر يمكن ان يكون معقولا اذا ما اخذنا الامور من زاوية فرض الانضباط اولا وقبل كل شيء ولكن عبد الناظر كان له رأي مخالف وذلك ليجنب الفريق وخاصة المجموعة متاهة الدخول في مرحلة من النفور مع بعضهم البعض وايضا مع الادارة والاحباء على حد السواء خاصة في ظل مكانة معلول والجريدي وبن صالح في الفريق وقد كان القرار بمشاورات عدة خاصة مع المدير الرياضي الناصر البدوي. واما الاختلاف الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير فكان اثر مباراة قوافل قفصة بصفاقس التي لم يشأ خماخم ان تدور بسبب تحول 4 لاعبين من الفريق لتعزيز صفوف المنتخب في رحلة اليابان والصين وقد سايره في ذلك أعداد كبيرة من الجماهير خاصة وان لاعبي النجم الساحلي قد وقع اعفاؤهم من تلك الرحلة وبالتالي فقد رأى خماخم رأيا معقولا ينص على انه يجب على«الصفاقسية» ان ينتفضوا لحماية فريقهم من الممارسات القمعية للجامعة ولكن رئيس الفريق لم يسايره في القرار وذلك لأسباب منطقية ايضا اذا ما تناولناها بالدرس مليا حيث لا يخفى على احد ان العلاقة مع الجامعة متردية الى اقصى درجة بسبب عدة مواضيع وخاصة موضوع كرول والنقل التلفزي لمباريات الفريق وبالتالي يمكن القول بأن عبد الناظر لم يعط الفرصة لجماعة الجريء لينتقموا من الفريق وخلاصة القول هنا هي ان هذه الخلافات قد انعكست مباشرة على الفريق الذي ودع كل المسابقات بسرعة البرق ودخل في دوامة من الشك لازالت ترافقه الى حد الساعة.

لعنة «مامان» تطارد الفريق
لقد تابعنا نشاط النادي الرياضي الصفاقسي عن قرب لسنوات طويلة لم نلاحظ خلالها وجود لاعب استهتر بزي الفريق مثل اللاعب الغاني مامان يوسوفو وما جرنا للعودة الى موضوع هذا اللاعب هي الانعكاسات الخطيرة التي نتجت عن شطحاته حيث كان كل مرة يتغيب فيها ويهرب من عاصمة الجنوب الا ويجد الترحاب عند عودته رغم الادعاءات بأنه قد سلطت عليه غرامات مادية كبيرة ولكنه في كل مرة يعود الى اللعب مع الفريق وهذا هو الخطأ القاتل حيث خير المشرفون على الفريق نتيجة بعض المباريات على حساب الانضباط الا انهم خسروا في المقابل كل المسابقات التي خاضوها وخاصة رابطة الابطال امام فيتا كلوب والتي كانت الاخطاء المرتكبة التي مهدت لأهداف المنافس من جهة مامان يوسوفو بل اكثر من ذلك فقد خسر الفريق كنتيجة لسكوته عن ممارسات الغاني عدة ركائز اعتمدت نفس سياسة مامان يوسوفو مثل ديديي ندونغ وادريسا كوياتي وفخر الدين بن يوسف الذين اعتمدوا الهروب عن صفوف الفريق في بعض الأوقات كورقة ضغط على الهيئة لتسريحهم رغم ارتباطهم مع النادي بعقود طويلة المدى وكان ذلك بمقابل بخس وخاصة بالنسبة لبن يوسف الذي وصل الى الفريق لتسريحه عرض كبير جدا من الخليج فاق الستة مليارات ولكن الهيئة سرحته لفريق ماتز مقابل مليارين ونصف بتعلة الحفاظ على مستقبل اللاعب الكروي
الولادة العاجزة على الاحتفاظ بأولادها.

قلنا بأن رغبة اللاعبين البارزين في الفريق كبيرة في الخروج من النادي مما اجبر بعضهم على التمرد لتحقيق مطالبهم ولكن هنا يجب ان نعطي قيصر ما لقيصر لانه وللامانة فقد اصبحت الاعتمادات المرصودة للفريق غير كافية بالمرة لمسايرة نسق الفرق الكبيرة في تونس حيث وصل الامر بالترجي والافريقي الى حد تحديد اجرة شهرية للاعبيهما البارزين تصل الى حدود 100 الف دينار واكثر واما في النادي الصفاقسي لازالت الاجور في حدود 5 أو 6 أو 7 آلاف دينار شهريا لأبرز العناصر وهو رقم ضعيف جدا في ظل المعادلة الجديدة التي فرضها كل من سليم الرياحي وحمدي المدب على الخارطة الكروية في تونس والتي عادت بالوبال على النادي الصفاقسي بصفة مباشرة فعندما يسمع لاعبو الفريق البارزين مثل علي المعلول وطه ياسين الخنيسي ومحمد علي منصر وفي السابق فخر الدين بن يوسف والفرجاني ساسي وديديي ندونغ وجميعهم اساسيون مع المنتخب بلاعبين اقل منهم بكثير من حيث المردود والامكانيات الا انهم ينالون اجورا تفوقهم بعشرة أضعاف واكثر فإن ذلك يؤدي مباشرة وبصفة عاجلة الى شعورهم بالتذمر ويولد احيانا رغبة في عدم تقديم المطلوب نتيجة غياب التركيز وهو امر طبيعي بالنسبة للاعبين تعتبر كرة القدم مصدر رزقهم الوحيد ولعل ابرز دليل على كلامنا هذا هو هروب فخر الدين بن يوسف من احضان الفريق الذي قدمه الى الساحة الكروية في البلاد نحو فرنسا وقرب عودته الى تونس عبر بوابة الترجي الذي يمكن له ان يتكفل بمستحقاته بصفة ترضي اللاعب وهو ما لا يقدر عليه فريق عاصمة الجنوب.

المنزلة بين المنزلتين
نشرنا أعلاه بالأرقام حقيقة الامكانيات المرصودة للاعبي النادي الرياضي الصفاقسي وبعض اللاعبين من الفرق التونسية الكبرى الاخرى وهو ما سيجعل النادي الاول لعاصمة الجنوب امام حلين لا ثالث لهما باعتبار ان المال قوام الاعمال، فأما الحل الاول فيتمثل في إيجاد تمويلات كبرى ورصد مبالغ ضخمة من المال لإرضاء عناصر الرصيد البشري وتحسين اجورهم والقيام بانتدابات تضاهي انتدابات الفرق الكبرى الاخرى مثل جابو وبونجاح ونيانغ والعكايشي وصابر خليفة والدراجي وبن يوسف وناطر والتيجاني بلعيد وحسين الراقد وبالتالي البقاء ضمن دائرة الفرق الكبيرة وضمان المنافسة الدائمة على الألقاب وهذه فرضية نستبعدها بكل صراحة نتيجة تقصير رجال الأعمال بصفاقس او الذين هربوا الى العاصمة في تقديم الدعم الكافي حتى من ناحية الاشهار لشركاتهم وترك الرئيس ونائبه يتخبطان في المشاكل المادية مع اكتفائهم بتسجيل حضور شرفي ومؤقت زمن تحقيق الالقاب، وأما الفرضية الثانية وهي الحاصلة الى حد الآن فتتمثل بالأساس في القيام بانتدابات من الصف الثاني والثالث مع التركيز على اللاعبين المنتهية عقودهم ثم تسريح اللاعبين البارزين للفريق نتيجة العجز عن تلبية رغباتهم المادية وخاصة هنا معلول ومنصر مع الزج ببعض الشبان الى صف الفريق الأول من اصحاب الأجور الزهيدة وبالتالي وبصريح العبارة يصبح الفريق اقرب منه الى فرق وسط الترتيب أكثر من الثلاثي الكبير في تونس وبالتالي فإنه الآن يسهل على المحب دون شك الإجابة على سؤالنا الذي طرحناه أعلى المقال ودون صعوبة بالغة ولكن رغم كل ذلك يبقى النادي الصفاقسي قلعة شامخة مهما اشتدت الأزمات رغم حاضره المهين.

فاضل بوجناح / التونسية

قد يعجبك ايضا