المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس : تصور حول خطة عمل للموسم الثقافي 2014-2015

 

صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016
صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016

تسعى المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس إلى الإسهام في تشكيل ملامح البرمجة الثقافية للموسم الثقافي 2014/2015 ضمن خطّة عمل واضحة المعالم، تهدف إلى الارتقاء بالعمل الثقافي مُستفيدة من تجارب المواسم الثقافية السّابقة ومُستلهمة من الواقع الجديد الذي أفرزته الثّورة وما يُحتّمُهُ هذا الواقع من بحث دؤوب عن الجدّة والطرافة سواء على مستوى أدوات العمل والياته وطرائق انجازه أو على مستوى المضامين والأفكار التي تُواكب نسق الأحداث المُتسارع وما يطرحه ذلك على عموم الفاعلين الثقافيين من المثقفين والمبدعين والمفكرين من تساؤلات وهموم (soucis) تُترجم في أعمال فنية أو فكرية نتفاعل معها جميعها دون استثناء في سياق واقع جديد يتسم بحرية الإبداع والتميّز من جهة وبتنوّع الأفكار والمشارب والمسارات الثقافية من جهة أخرى.

هذا الواقع الجديد بكلّ ما يحمله من ايجابيات لا يُمكن أن تستفيد منه الحركة الثقافية ما لم تتهيكل وتتنظّم بشكل جيّد مُستندة إلى رؤية واضحة ودقيقة. وهنا نُؤكد أن المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس في سياق تفاعلها الايجابي مع الأطراف الفاعلة في الحقل الثقافي بكل مشاربها وتلويناتها سوف تستندُ خلال هذا الموسم الثقافي الى خُطّة عمل قائمة على الانفتاح على المؤسسات التربوية والجامعية ومختلف هياكل المجتمع المدني في إطار تشاركي تُصاغُ من خلاله جُملة الأهداف المرغوب تحقيقها، كما أنّه درء للوقوع في المطبّات التي قد تحُول دون هذه الأهداف، ستعمل المندوبية الجهوية على تدعيم هيكلة التظاهرات الثقافية حتى يكون الفعل الثقافي أكثر جديّة ونجاعة ونفاذا إلى أكبر عدد ممكن من جمهور الثقافة المُتنوّع حسب الاختصاصات والفئات العمرية، والموزّع بين مركز المدينة وباقي المعتمديات.

ولعلّ ما حظيت به صفاقس من شرف اختيارها عاصمة للثقافة العربية 2016 هو – في تقديرنا- نتاج لمجهودات جبّارة بذلتها كل القوى الفاعلة في الساحة الثقافية في صفاقس من ادارة وهياكل المجتمع المدني واستنادها في عملية البرمجة والانجاز الى خُطّة عمل واضحة جنّبتها الوقوع في مطبّات العفوية والارتجالية وأكسبتها نجاعة وفاعلية فتُوّجت جُهودها بتحقيق نصيب مهمّ من أهدافها في سياق تراكمي مُطّرد سيكون له عظيم الأثر في تأثيث مختلف الفقرات والأنشطة الخاصّة بتظاهرة في مستوى” صفاقس عاصمة للثقافة العربية”.

و لا تكتمل صورة هذه الخطة دون تحديد تيمات رئيسية سيتم الإشتغال عليها بشكل متواتر و منهجي طيلة الموسم الثقافي الحالي وهي :

الأحياء الشعبية:

نظرا لما للأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية من ثقل ديمغرافي بولاية صفاقس ترى المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس أنّه لزاما على الهياكل الرسمية وجمعيات المجتمع المدني أن تكون فاعلة في العملية الثقافية داخل هذه الأحياء.

وخلال سنة 2015 ستعمل المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس على رسم ملامح وخطوط العمل الثقافي داخل هذه الأحياء كل حسب خصوصيته واستعداد متساكنيه على تقبّل النشاط الثقافي في مرحلة أولى ثم المساهمة فيه في مرحلة ثانية انطلاقا من برمجة ثقافية (مسرحية،موسيقية،أدبية،تشكيلية…)تكون هادفة وترفيهية حتى يكون العمل الثقافي داخل الأحياء الشعبية من العوامل المرسخة لمفهوم المواطنة وحتى يصبح ذا مردودية ايجابية في الحدّ من عدّة مظاهر سلبية تكتسح الأحياء الشعبية .

في هذا السياق تقترح المندوبية بالإضافة إلى العروض المسرحية والموسيقية والمعارض التشكيلية والعروض السينمائية بعث نواتات مكتبات وبعث نواد للمسرح والموسيقى والرسم لفائدة الأطفال والشباب والكهول مُتساكني هذه الأحياء. هذه لمحة على الخطوط العريضة للنشاط على أن يقع تفصيله لاحقا من خلال تحديد الأنشطة وتواريخ وأماكن انجازها.

المعتمديات والمناطق الريفية:

بالتوازي مع مع سبق ستسعى المندوبية الجهوية للثقافة لدعم النشاط الثقافي داخل المعتمديات والمناطق الريفية بها من خلال انجاز محطات ثقافية خلال سنة 2015 بعد تحديد المعتمديات والمناطق الريفية المزمع انجاز النشاط الثقافي فيها في رؤية واضحة المعالم تُساند وتُعاضد المجهودات المبذولة لمديري دور الثقافة وأمناء المكتبات بهذه المعتمديات ليكون لمتساكني المعتمديات والمناطق الريفية خاصة نصيبهم من البرمجة الثقافية لسنة 2015 على مدار السنة من خلال إحياء الجانب النيّر لتراث بعض المعتمديات إلى جانب التركيز على المناطق الأثرية والشخصيات التاريخية التي كان لها إسهام بارز في بناء الدولة الوطنية، إضافة إلى إحياء العديد من العادات والتقاليد التي طبعت حياة مُتساكني بعض المعتمديات إلى جانب تنفيذ العروض الكبرى التي كانت حكرا على مركز الولاية في رؤية ثقافية تقطع مع مركزية العمل الثقافي.

النشاط الثقافي داخل المقاهي:

لم يكن المقهى فضاء ثقافيا طيلة فترات طويلة وظل بعيدا عن الممارسة الإبداعية لذلك ستسعى المندوبية الجهوية للثقافة خلال هذه السنة بالتنسيق مع الغرفة الجهوية لأصحاب المقاهي بصفاقس إلى أن تجد لها موطأ قدم في الفعل الثقافي داخل هذه الفضاءات من خلال برمجة ثقافية متنوعة موسيقية، سينمائية، تشكيلية، أدبية إلى جانب إحداث ركن الكتاب حتى يقع تقريب النشاط الثقافي من المواطن داخل هذه الفضاءات التي كانت ولا تزال في جلّها تقتصر على احتساء القهوة ولعب الورق وبالتالي فانّ رؤية المندوبية ترتكز هذه السنة على أن تكون هذه الفضاءات الخاصة شريكا فاعلا في الممارسة الثقافية الإبداعية لنؤسس لفعل ثقافي دائم داخل بعض المقاهي ونحن اذ نخوض هذه التجربة الفريدة خلال سنة2015 فإنّنا نُراهن على إنجاحها بالتعاون مع الغرفة الجهوية لأصحاب المقاهي حتى تكون لنا مقاهي ثقافية بجهة صفاقس يجد فيها مُرتادوها كل الأنشطة الثقافية التي يبحثون عنها.

التّربية: (المدارس والاعداديات والمعاهد)

تُمثّل الاُطُر التربوية (المدارس و الاعداديات والمعاهد) فضاءات لتلقّي العلم والمعرفة، وهي الى جانب ذلك تُمثّل تجمّعات مُهمّة عدديّا لفئة اليافعين والشباب.ولئن يبدو لنا لأوّل وهلة أنّ هذه الفئة مُستعدّة أكثر من غيرها لتقبّل العمل الثقافي، فانّ الواقع يُكذّبُ هذه المُسلّمة حيثُ ظلّ حضور النشاط الثقافي فيها دون المأمول.

وقد سعت المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس، من خلال إبرامها اتفاقية شراكة مع مندوبية التربية (1 و2 ) إلى تدعيم النشاط الثقافي في المؤسسات التربوية باعتباره سبيلا إلى الارتقاء بوعي التلاميذ وتطوير ملكاتهم الإبداعية، وهو ما يعني بالضرورة النأي بهم عن مغبّة الوقوع في شتّى أنواع الانحراف والتطرّف. والعمل في هذه الاُطر مازال مُتواصل، وهو في حاجة إلى تظافر كلّ الجهود بدء بالهياكل الرسمية، مُرورا بهيئات المجتمع المدني، وصُولا إلى أولياء التلاميذ الذين يُفترضُ بهم أن يُشجّعُوا أبناءهم على الانخراط في العمل الثقافي لا أن يُبخّسُوه.

وفي هذا الصدد، ستعمل المندوبية الجهوية للثقافة خلال الموسم الثقافي الحالي 2014/2015 على تكثيف الأنشطة في المؤسسات التربوية،وعلى ضوء المحاور الآتية:

1- المواصلة في إحداث نواتات لمكتبات في الاعداديات والمعاهد والمدارس

2- التشجيع على المطالعة وإيجاد آليات من شأنها أن تحدّ من القطيعة بين التلميذ والكتاب (لقاءات مع كتاب/ معارض كتب).

3- الانطلاق من المحاور المدرجة في البرامج التعليمية في رسم ملامح الأنشطة الثقافية خاصّة (تلاميذ الباكالوريا) والسّعي إلى الانفتاح على محاور أخرى تدعم الزاد المعرفي والعلمي للمُتعلّم وتسهم في تعميق رؤية لشتى المسائل وتُهيئُه ليكون فاعلا اجتماعيا يُجيدُ التفاعل مع كل القضايا التي تُطرح في مُجتمعه.

4- تأسيس نواد ثقافية متنوّعة الاختصاصات والمشارب والسعي إلى توفير كلّ سبل الارتقاء بها.

5- يمكن أن نُولي الموسيقى خلال هذا الموسم عناية خاصة من خلال تأسيس نواد موسيقية أو فروع للمعهد الجهوي للموسيقى في الاعداديات والمعاهد، ومن خلال بعث كورال أطفال في المدارس الابتدائية.

الجامعة:

تُمثل الجامعة التونسية، بالإضافة الى كونها فضاء للتحصيل المعرفي والتكوين الأكاديمي والبحث العلمي، رافدا من روافد الفعل الثقافي وتطوير الملكات الإبداعية. ولكن ليس من العسير علينا أن نلاحظ في السنوات الأخيرة حالة عامّة من العُزوف عن ممارسة النشاط الثقافي في الأطر الجامعية، خاصة الطلابيّة منها. واذا استثنينا الأنشطة ذات الطابع العلمي البحثي من ندوات وموائد مستديرة مُوجّهة الى المُختصين دون سواهم، تبقى الأنشطة المُوجّهة الى عموم الطلبة داخل الجزء الجامعي الواحد تعُدُّ على أصابع اليد الواحدة، فضلا عن كونها ضعيفة التأطير ومُشوّشة الرؤية، وهي بذلك لا ترقى إلى مصاف الأنشطة الثقافية القادرة على الاضطلاع بالدور الرّيادي في تنوير الوعي الطّلابي والمُراكمة في اتجاه خلق بديل ثقافي يكون حصنا منيعا أمام ثقافة الانحلال والتطرّف .

وفي هذا السياق سعت المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس إلى تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية في الأطر الجامعية بالتنسيق أو بالشراكة مع مختلف هياكلها، كما أنّها ستمضي خلال هذا الموسم الثقافي 2014/2015 قُدما نحو مزيد تعميق هذا المشروع وفي إطار تشاركي مع جامعة صفاقس وبالتعاون مع هيئات المجتمع المدني المعنية بالعمل الثقافي في الأطر الجامعية ضمن خطّة عمل واضحة المعالم بعيدا عن الارتجال والمناسباتية، وسنسعى خلال هذا الموسم الثقافي إلى:

1- تدعيم النوادي الثقافية الموجودة في الكليات والعمل على تأسيس نواد جديدة.

2- تذليل الصعوبات -ما أمكن- أمام هذه النوادي ومدّها بالخبرات والأفكار والإمكانات اللوجستية التي من شأنها أن تُطوّر أداءها الثقافي وتجعله أكثر فاعلية.

3- تنظيم حلقات تكوينية للفاعلين الثقافيين في الإطار الجامعي(إداريين مُختصين في العمل الثقافي أو طلبة مُشرفين على النوادي الثقافية).

4- العمل على إحداث تظاهرات قارّة حسب خصوصية الجزء الجامعي.

5- مدّ جسور التواصل بين الإطار الجامعي والأطُر الخارجية، وهو ما يعني انفتاح الجامعة على مُحيطها الخارجي وعدم الاكتفاء بالحرم الجامعي في مختلف الأنشطة التي يتمّ تنظيمها (تنشيط المقاهي المُجاورة، الأحياء الشعبية، رحلات إلى مواقع أثريّة..)

6- تنظيم مسابقات حول الإبداع الفني والأدبي والعلمي الطلابي، قصد اكتشاف المواهب الشابّة القادرة على حمل مشعل الإبداع مستقبلا والعمل على تأطيرها وتطويرها.

السجن:

بعد تجربة بسنتين من العمل الثقافي داخل أسوار السجن المدني بصفاقس تستعد المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس لدخول سنة 2015 بنفس جديد لمواصلة هذه التجربة من خلال تدعيم ما وقع إحداثه ومواصلة البناء عليه واستحداث أشكال جديدة من العمل الثقافي و تطويعها مع طبيعة المؤسسة السجنية.

وفي هذا الإطار في سنة 2015 ستتجه المندوبية الجهوية للثقافة إلى تدعيم هذا النسق من العمل الثقافي داخل السجن المدني بصفاقس من خلال :

  • إيجاد نواد جديدة كنادي الموسيقى للذكور والإناث ونادي البراعات اليديوية خصوصا للإناث
  • تدعيم خزينة الأفلام السينمائية والوثائقية المعدة للعرض مع تدعيم نادي المسرح
  • إيجاد رؤية جديدة لنادي المواطنة
  • الانفتاح أكثر على مقترحات ومبادرات المجتمع المدني
  • الاهتمام بمسألة التأهيل من خلال تأمين برامج تكوينية في بعض الأنشطة اليدوية الصغرى التي من شأنها أن تكون مصدرا للرزق حال مغادرة السجن
قد يعجبك ايضا