القراء يكتبون : بين مهنة الطبّ والنشاط المدني ترحل بنا العدسة والصورة الى أعماق سحر صفاقس

شاطئ سيدي منصور - صفاقس
شاطئ سيدي منصور – صفاقس

عندما يجرّنا الحديث عن شاطئ سيدي منصور بصفاقس فالعديد من هذه الأجيال لا تدرك حقيقة هذا البحر الذي كان يمثّل الملاذ الوحيد لسكّان مدينة صفاقس خلال موسم الصيف وقبلة المصطافين من كلّ أرجاء المدينة وهذا الشاطئ يمتدّ على طول حوالي 10 كلم من وسط المدينة حيث يصبح القلب النابض لكلّ الأنشطة والحركة التجارية خلال كلّ صائفة .
فبالإضافة الى مالكي المنازل والأجنّة كانت بعض العائلات تمتلك بيوتا صغرى حشبية ” برارك ” على حافة الشاطئ تستغلّها أثناء الصيف وأمّا بقيّة المتساكنين فيكون التخييّم قرب هذا الشاطئ الاختيار الجماعي للعائلات وهو ما يضيف حركة نشيطة على كامل امتداد هذا الشاطئ .

شاطئ سيدي منصور - صفاقس
شاطئ سيدي منصور – صفاقس

التعاون والانسجام كان يسود بين كلّ العائلات المصطافين ولا فرق بين مالك المنزل وبين الذي اختار التخيّم فالجميع يصبحون أصدقاء والجميع يعمل على خلق الأجواء المنعشة والكلّ يستمتع بنسائم البحر وأكل الأسماك الطازجة التي يعود بها يوميا المراكب الشراعية واقتناء الغلال الصيفية من سائر الأجنّة المحيطة بالشاطئ وجمع غلال البحر تلك هي حياة مدينة صفاقس أواسط القرن الماضي .
وكانت الجريمة في حقّ هذا الشاطئ خلال السبعينات نتيجة تلوثّ البحر جرّاء نفايات الشركة السويدية ” ن .ب.ك ” وتقرّر عزل هذا الشاطئ ومنعه على المصطافين وهو مادفع بالعديد من متساكني هذا الشاطئ الى بيع منازلهم وتمّت ازالة جميع ” البرارك ” وأصبح السكّان يخشون حتّى أكل الأسماك التي اشتهر بها هذا الشاطئ وأصبح شاطئ الشفّار قبلة المتساكنين خلال الصيف بين ما اختار بعض العائلات ذوي الدخل البسيط شاطئ “مدغشقر” لاقامة مخيّمهم العائلي الصيفي .

شاطئ سيدي منصور - صفاقس
شاطئ سيدي منصور – صفاقس

ورغم مرور عقود من الزمن يتواصل الحبّ والغيرة لهذا الشاطئ من خلال بعض الأشخاص الذين آمنوا بجماليته والارتباط الوثيق به وعدم هجره بل اندفعوا ليبرزوا الخصائص المميّزة لهذا الشاطئ ولتاريخه ودوره في حياة سكّان مدينة صفاقس .
والدكتور أنور عبد الكافي أحد أبناء هذه الجهة الغيورين الذي خيّر الاستقرار على ضفاف هذا الشاطئ ولم تراوده فكرة الهجرة والانتقال للعاصمة على غرار الكثير خلال الثمانيات وقد ظلّ وفيا لجهته ويتابع ويتألّم لما آلت اليه الأوضاع بهذه الجهة واختار أن يكون مناضلا مدنيا من أجل نهاية التلوّث البيئي بصفاقس وغلق السياب فاكتسب ثقة المواطنين وحبّ الشعب في ظرف وجيز وأصبح محلّ تقدير من كلّ وسائل الاعلام وبقيّة مكوّنات المجتمع المدني بصفاقس .

ورغم التزاماته المهنية والمدنية فهو يتمتّع بحسّ جمالي فريد من خلال عدسة صوره الشمسية وله ميل وارتباط كبير بشاطئ سيدي منصور ويجعل البحر جوهر أعماله.
رسالة لكلّ الأجيال عنوانها ” هذا شاطئ سيدي منصور بصفاقس …هنا يتولّد السحر والجمال … تتحرّك الأحاسيس ويفيض الحنين ..
كلّ صوره هي مصدر استرخاء تدفعنا للغوص في ذاكرة هذا الشاطئ لنستعيد ذكرياتنا الجميلة وتزيد من نخوتنا واعتزازنا وتبعث فينا روح المحافظة وانقاذ ما تبقّى من معالم هذه المدينة .
عذرا يا دكتور أنور لم نكن ندرك يوما واحدا أنّ شاطئ سيدي منصور يتجلّى فيه تلك السحر والروعة ولم نقدّر يوما جسامة الكارثة التي لحقت بهذا الشاطئ جرّاء النفايات السامّة غير أنّ ما أفرزته إبداعاتكم في تلك المجموعة من الصور ستدفعنا للاستماتة في المحافظة عليه وتجعلنا أكثر تعلّقا بهذا البحر.

الصور المرافقة تعود للدكتور انور عبد الكافي
المقال لمحمد الحمامي

قد يعجبك ايضا