دليل حول استشراف المستقبل : إعداد فريق مشروع الألفية تونس (2016)

دليل حول استشراف المستقبل إعداد فريق مشروع الألفية تونس (2016)
دليل حول استشراف المستقبل إعداد فريق مشروع الألفية تونس (2016)

بحلول 2050 من المتوقع زيادة 2.3 مليار شخص. و من هنا كانت الحاجة إلى ابتكار نظم جديدة لتنظيم الحياة البشرية بمختلف مجالاتها و حاجياتها: أغذية، مياه، طاقة، صحة، اقتصاد، الكوارث البشرية و البيئية… و تعددت الاكتشافات العلمية و التكنولوجية و عديد الأنواع من الذكاء الاصطناعي و انتشرت التجمعات الناتو جزئية و الروبوتات. و لئن كان المستقبل يحتمل أن يكون أفضل بكثير مما يتوقعه المتشائمون، إلا انه يمكن أن يكون أسوء بكثير مما يتوقعه المتفائلون. فمن الضروري إيجاد تفاعلات متماسكة و متكاملة على المستوى العالمي للمشاكل الهائلة من خلال وضع استراتيجيات لتجاوزها. فهواجس التصدي للتغير المناخي و مكافحة الجريمة المنظمة يقتضي إعداد خطط مستقبلية طويلة المدى على الصعيد العالمي، تتجاوز الإطار الضيق للبلد الواحد في مجابهة تلك المخاطر. من ذلك دعوة الولايات المتحدة و الصين للحد من إنبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي و ابتكار تصميمات لمدينة ذكية صديقة للبيئة.
فلا شك أن تلك الهواجس و الأخطار ( الفقر، الجوع، التصحر، العنف، غلاء المعيشة…) هي عوامل رئيسية في الإخلال بالسلم الاجتماعي . و قد حذر العديد من قادة الفكر من خطورة تلك المخاطر، إلا أن البعض الآخر كستيفن هوكيتغ فقد حذر العالم من تزايد أهمية الذكاء الاصطناعي ( الإنترنات، روبوتات، بيلوجيا تركيبية …) وما سيترتب عن ذلك من بطالة شاملة و تركيز للثروة و اتساع الهوة في الدخل بين طبقتي الأغنياء و الفقراء. فقد يوفر الذكاء الاصطناعي فرصا جديدة للعمل بدلا من القضاء عليها، إلا أن سرعة التغير التكنولوجي و تكامله و النمو السكاني قد ينتج عنه بطالة هيكلية طويلة المدى.
و من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بما يقرب من 3.5 بالمائة خلال عام 2015 في حين يزداد عدد السكان بمقدار 7.3 مليار نسمة بمعدل 1.14 بالمائة و بالتالي يبلغ المتوسط العالمي في زيادة دخل الفرد 2.36 بالمائة و هو لا يزال يقترب من نصف معدل نمو دخل الفرد السنوي قبل الأزمة المالية العالمية و الركود الاقتصادي العالمي. و لكن لا يبدو النمو من اجل النمو خيارا سليما إذ يجب تطبيق الحوافز في جميع إنحاء العالم لتسريع الانتقال من التصور القائم على اعتبار النمو الاقتصادي غاية في حد ذاته إلى مقاربة ذكية للتنمية الاقتصادية. في غياب ذلك، من المرجح أن يؤدي النقص في المياه والمشاكل البيئية الأخرى إلى الإضرار بالاستقرار الاجتماعي وهو ما يمكن أن يتسبب في اضطرابات ستشمل نصف عدد البشر الذين يعيشون داخل 120 ميل من السواحل بشكل دائم.
إن تزايد الذكاء الاصطناعي و تطور تكنولوجيا المستقبل يقتضي إعداد أطر جديدة لنظام ذكاء عالمي جماعي أساسه الحوار بين قادة العالم و الخبراء المختصين كل حسب اختصاصه و القاعدة الشعبية للحفاظ على التماسك المجتمعي و بناء مستقبل أفضل. و في هذا الإطار ضبطت آلية دلفي الدولية منذ عام 1997 التحديات الخمسة عشرة التي توضح تغير المقاربة العالمية في هذا المجال و تقدم مقترحات لمستقبل أفضل:
1- تحقيق التنمية المستديمة للجميع و التصدي للتغير المناخي.

2- هاجس الحصول على مياه نظيفة، صالحة للشرب، كافية للجميع لتجنب الصراع عليها.

3- تحقيق التوازن بين النمو السكاني و الموارد ( مواكبة الإنتاج الغذائي لزيادة النمو السكاني ) .

4- التأسيس لديمقراطية حقيقية تضمن الحريات السياسية و المدنية في العالم .

5- إيجاد آليات صحيحة لعملية صنع القرار المؤسس على التبصر لمواكبة التغيرات الغير مسبوقة و المتسارعة.

6- تسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و تقريبها للجميع.

7- تشجيع اقتصاديات السوق الأخلاقية للحد من الفجوة بين الطبقة الغنية و الفقيرة: يتوقع في 2016 أن يمتلك نسبة واحد بالمائة الأغنى من الناس أكثر مما يمتلكه كل بقية العالم.

8- الحد من خطر الأمراض الجديدة رغم تحسن مستوى الصحة البشرية و ازدياد مستوى العمر في العالم.

9- التركيز على التعليم و التعلم لجعل الإنسانية أكثر ذكاء و معرفة و حكمة لمجابهة التحديات العالمية.

10- تحقيق القيم المشتركة و الاستراتيجيات الأمنية الكفيلة للتوقي من ظواهر الإرهاب و الصراعات العرقية ( 1 بالمائة من سكان العالم لاجئين )

11- تحسين الوضع المجتمعي للمرأة و تشريكها في الحياة المدنية و السياسية.

12- التصدي لشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

13- تحقيق الطلبات المتزايدة للطاقة و تشجيع استعمال الطاقات المتجددة.

14- تحفيز الاكتشافات العلمية و التكنولوجية لتحقيق حياة أفضل للإنسان.

15- رد الاعتبار للقيم الأخلاقية في اخذ القرارات الدولية.

و قد جمع مشروع الألفية رؤى و أفكار أصحاب المعرفة و المبدعين من جميع إنحاء العالم عبر 56 ملتقى لتحديث الوضع و التوقعات و الاستراتيجيات للتصدي لتلك التحديات العالمية . و يبرز المقطع التالي (أين المقطع؟) لمحة عامة عن كل تحدي يمكّن القارئ من فهمه بأكثر سهولة لمستقبلنا المشترك من خلال المسودة الأولية لمناقشة إستراتيجية عالمية متكاملة، تم تطويرها مرات عدة .
أما عن أهم الخيارات للتصدي لهذه التحديات الخمسة عشر وعن التوقعات بخصوص المستقبل، ابتكر مشروع الألفية دليل حالة المستقبل ( SOFI). وتبرز مؤشرات سنة 2015 تحسنا بطيئا لكنه ثابت في رفاهية الإنسان مقارنة بالعقدين السابقين و في المقابل أظهرت تفاقم العنف و الإرهاب و الفساد و الجريمة المنظمة و اللامساواة الاقتصادية داخل الدول .
و بالتأمل في السنوات العشرين الماضية و توقعات السنوات العشر المقبلة للتغيرات الحاصلة في دليل حالة المستقبل العالمي يمكن الانتهاء إلى معلومات مفيدة لصياغة ” بطاقة تقدير عن مستقبل العالم” .
وخلاصة الأمر، لا بد من إيجاد فكر حقيقي لتحقيق التقدم في المستقبل خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي لتحقيق حياة أفضل للإنسان. و على قادة العالم الأخذ بعين الاعتبار بما تنتهي إليه دراسات دليل حالة المستقبل الموضح للتحديات التي يواجهها العالم. و يطرح التحليل الأولي لدراسة آلية دلفي للوقت الحقيقي الخاص بتكنولوجيا عمل المستقبل عديد التساؤلات للحد من ظاهرة البطالة الهيكلية طويلة المدى : هل يمكن للذكاء الاصطناعي و التكنولوجيات المستقبلية توفير فرص جديدة للعمل و ماهي التغيرات الاقتصادية و السياسية المرجوة لتحقيق ذلك.

عن مشروع الألفية تونس / سمير بوزكري

قد يعجبك ايضا