اختراعات رئيس الحكومة يوسف الشاهد : تمييز إيجابي في التوجيه الجامعي في حق أبناء المناطق الداخلية ( باكالوريا 2018 )

امتحان الباكالوريا 2018

حافظت خارطة نتائج الدورة الرئيسية لباكالوريا 2018، تقريبا على نفس الترتيب على مستوى الجهات (وأيضا على مستوى تصدر بعض الولايات لنسبة النجاح ولنسبة الناجحين المتميزين على غرار ولاية صفاقس ثم أريانة، ثم المنستير..) كما كرست النتائج تناقضا مؤلما وفوارق جلية بين ثنائية الولايات الساحلية والولايات الداخلية. نتائج مازالت تعكس حقيقة انخرام التوازن التنموي وتفاوته بين الجهات وتؤكد أن تحسن النتائج وتقاربها أو تباعدها بين الجهات مرهون بتحسن المجهود التنموي بالجهات الداخلية أو الجهات المحرومة تنمويا أو الأقل حظا في التنمية مقارنة بالجهات الساحلية.

الحقيقة، ما دافعنا في كتابة هذا المقال ، هو قرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد مؤخرا إلى “اختراع” استنباط فكرة تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي في التوجيه الجامعي وتخصيص نسبة من مقاعد الشعب النبيلة كالطب والهندسة لأبناء المناطق الداخلية انطلاقا من السنة الجامعية 2018-2019 .. أي بلغة أخرى تلميذ متحصل على باكالوريا رياضيات بمعدل 15 في منطقة داخلية يعادل تلميذ في صفاقس أو اريانة متحصل على معدل 17 من 20 من نفس الشعبة.

هذا الإجراء يحمل أبعادا سياسية أكثر منها خدمة لأبناء الولايات الداخلية الأقل حظا في التنمية. ويؤكد مرة أخرى وجود مشكل عويص في منوال قديم مازال معتمدا بعد ثورة 2011 أثبت فشله، او لنقل وصل إلى حده الأقصى بل بدأ يعطي نتائج عكسية، خاصة مع عدم وجود أية بوادر حقيقية لجل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 لتغييره أو استنباط حلول تنموية جديدة لدفع التنمية والاستثمار بالجهات الداخلية..

يقول المثل الصيني “لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها” وهذا المثل يمكن أن ينطبق على قرار رئيس الحكومة بتخصيص مقاعد الشعب النبيلة لأبناء المناطق الداخلية، عوضا عن التفكير في أسباب تدني نتائج المناطق الداخلية وايجاد حلول تنموية شاملة تنهض بتلك المناطق .

فالصين حققت نهضة في وقت قياسي لأنها استطاعت أن تحول كلمات “لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها” إلى أفعال صناعية واقتصادية وزراعية. المجتمع الصيني حقق قفزة نوعية خلال فترة قصيرة، وللثورة الثقافية الفكرية دور كبير في ذلك، لكن الأهم أن المواطن الصيني أكثر جدية في تعلم وسيلة البلوغ إلى الحاجات وليس الوصول إليها وفقط من غير مشقة أو عناء، الصينيون هم أذكياء، فالوصول إلى السمكة أمر سهل، لكن كيفية الوصول إليها يحتاج إلى ممارسة وتعلم.

قد يعجبك ايضا