منذ إعلان قرار غلق مصنع السياب بصفاقس في افريل 2008 : الحكومات المتتالية تتظاهر بالحيادية بخصوص التلوث في الجهة

سياب صفاقس
سياب صفاقس

جاء في افريل 2008. قرار غلق مصنع السياب بصفاقس قبل موفى 2011. لوضع حد للدمار الذي سببه هذا المصنع بأنشطته الفسفاطية في قلب المدينة وبين أحيائها السكانية الشعبية الأكثر كثافة طيلة خمسة وستين سنة ، فهذه الأنشطة تسببت في كوارث صحية ومعاناة كبيرة للمواطنين كما تسببت في كوارث بيئية على كل المستويات وقد جاء هذا القرار، بعد نضال قادته جمعية حماية البيئة والطبيعة و بعد عديد الدراسات، كخيار استراتيجي في سياق إعداد برنامج تهيئة مستدامة للساحل الجنوبي لمدينة صفاقس ضمن ما بعرف باستراتيجية التصرف المندمج للمناطق الساحلية لبلديات صفاقس الكبرى وفي انسجام مع ما تقتضيه إستراتيجية تنمية صفاقس الكبرى في أفق 2030. و تجدر الإشارة هنا انه تم إقرار مبدأ بعث أنشطة بديلة غير ملوثة لا تعتمد على الفسفاط على ارض المصنع. وانعقدت يوم 02 افريل 2009 جلسة عمل وزارية برئاسة الوزير الاول لمتابعة تنفيذ هذا القرار.

بعد الثورة بدأ المجمع الكيمياوى يسعى بطرق مختلفة للانقلاب على قرار غلق مصنع السياب بصفاقس وتجاه ذلك لم تتحمل السلطات المعنية مسؤولياتها و لم تتعامل بالحزم اللازم فبالرغم من إعلانها التمسك بقرار الغلق خضعت لبعض الضغوطات وأصبح هذا القرار محل مساومة وخرج المجمع الكيمياوى بمشروع إنتاج أحادي الفسفاط الرفيع ونسي برنامج التهيئة المستدامة للساحل الجنوبي للمدينة وتوقفت إستراتيجية التنمية بل توقفت التنمية بالجهة وارتفع منسوب الاحتقان بسبب خيبات الأمل المتكررة وجاءت تحركات المجتمع المدني بإشراف تنسيقية البيئة والتنمية لتنتهي بعد عديد اللقاءات مع بعض الوزراء ولقاء مع رئيس الحكومة الى بيان 22 مارس 2017.

من اكبر الاهانات التى تتعرض لها جهة صفاقس وابناء جهة صفاقس اليوم هو تظاهر الحكومة بالحيادية بخصوص مشروع إنتاج أحادي الفسفاط الرفيع والمساومة بصحة مئات الآلاف من المواطنين وبمشاريع التنمية بالجهة فهي تتعامل مع القضية و كأن المجمع الكيمياوى يعمل خارج سلطة الدولة. كان من المفروض أن تتعامل الحكومة مع قرار غلق مصنع السياب بصفاقس كخيار مبدئي استراتيجي و أن تمنع أي تفكير في بقاء أو في بعث أي نشاط فسفا طي في قلب المدينة.

أن يتنصل رئيس الحكومة من واجباته تجاه جهة اقر أنها مظلومة و يختبئ مع حكومته وراء الوكالة الوطنية لحماية المحيط لأخذ القرار بشان إنتاج احادي الفسفاط الرفيع بمصنع صفاقس و يتعامل مع المسألة و كأنها مسألة فنية هو ظلم مضاعف لصفاقس و إضعاف للدولة و ضرب لمصداقيتها. المجمع الكيمياوى يعلم مسبقا بأن الشروط القانونية اللازمة لأن يرخص له في إنتاج ما يسميه منتوجه الجديد “أحادي الفسفاط الرفيع” بمصنع صفاقس كلها غير متوفرة. فهو يراهن في المقابل على ما تمارسه بعض اللوبيات من ضغط على الحكومة وابتزازها بل يعمل بتنسيق معها بالرغم مما يشوب ذلك من شبهات فساد. كل ذلك من اجل أن يجد كل طرف منها مصالحه على حساب مصلحة الدولة والمواطنين.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو إن كانت حكومة يوسف الشاهد التي أعلنت الحرب على الفساد ستواصل التنصل من مسئولياتها بخصوص هذا الملف بالرغم من تصريحات رئيس الحكومة و التزاماته أثناء زيارته الأخيرة لصفاقس فالحكومة في نهاية الأمر و في الوضع التي هي عليه قد ترى نفسها مستفيدة أيضا من بقاء الحال على ما هو عليه وذلك لربح الوقت و لتلهية أبناء الجهة عن المشاريع المعطلة و عن بقية قضايا التنمية. إذا كان هذا هو خيار الحكومة فعليها أن تقدر جيدا انعكاساته. فمن بين هذه الانعكاسات أن يقع تحدي رئيس الحكومة و أن ترمى قراراته عرض الحائط من طرف المجمع الكيمياوى.

الآن بنهاية سنة 2017 الموعد الذي حدد لإنهاء إنتاج ثلاثي الفسفاط الرفيع بمصنع السياب بصفاقس، عدم الإيفاء بالوعد أفقد رئيس الحكومة كل مصداقيته لدى نسبة هامة من المواطنين وأثبت عدم قدرته على مواجهة لوبيات الفساد كما تسبب في ارتفاع منسوب الاحتقان إذ أصبح الوضع في جهة صفاقس قابلا للانفجار في أي لحظة.
وستأتي قريبا المحاسبة السياسية

عبد الحميد الحصايري

قد يعجبك ايضا