صفاقس والحصار الممنهج .. بقلم الدكتور أنور عبد الكافي

صفاقس من فوق

ثاني مدن الجمهورية، وثاني قطب اقتصادي على مدى التاريخ ، صفاقس تعاني منذ 50 سنة من حصار حقيقي ، مخطط له ، جعلها تتراجع إلى المرتبة 7 ، ويتراجع معها الجنوب والجنوب الغربي لتونس. حصار من كل الجهات.

من الجهة الشرقية ،البحر أصبح شبه غائب وممنوع ، الميناء طغى عليه الفوسفات والكبريت ، من الشمال، زيادة عن الكبريت ، تمثل محطة القطار حاجز حديدي بين صفاقس الحالية و تبرورة ، .من الغرب غياب طريق سيارة يجعل الربط مع الداخل صعب، ومن الجنوب ، يوجد حاجز كيميائي رهيب ومرعب يحجب كل أمل في التنمية .
إضافة إلى مطار حاضر غائب .

في الواقع ليس هناك أي مقاربة إستراتيجية لصفاقس من طرف السلطة المركزية ، على مدى عشرات السنين . سوى حلول ترقيعية ،ضرفية ، تدخل في إطار أسترتجية المركز والشركات الوطنية . وتكون في أغلب الأحيان بعيدة أو حتى متناقضة مع تطلعات المواطنين بالجهة .
الدراسات الإستراتيجية الوحيدة في ما يخص صفاقس ، هي أعمال مواطنية قام بها المجتمع المدني النشيط جدا بالجهة. SDGS ، SMAP3
هذا الحصار المفروض على صفاقس من كل الجهات أدى إلى تقهقر الإقتصاد في النصف الجنوبي من الجمهورية . وكان عامل أساسي في ثورة 14 جانفي 2011 .

صفاقس محاصره

من الشرق : كان لصفاقس بحر وشواطئ ، 30 كم ، كلها أصبحت ممنوعة أو خطيرة ،بسبب الصناعة الفوسفاتية التي فرضت على الجهة من جراء اختيارات إستراتيجية مركزية .إضافة إلى الأضرار بالبحر ومنتجاته ، لم يعد في صفاقس أي مكان للترفيه على ضفاف البحر . وهذا يعد حالة فريدة في لبحر المتوسط
حتى الميناء طغت عليه الأنشطة الفوسفاتية والكبريت ، شديدة التلوث . كل الأنشطة التجارية الاخرى أصبحت مهددة من مشروع ميناء النفضة المشبوه

من الشمال : نمو صفاقس محاصر لا فقط من الأنشطة الفوسفاتية ولكن كذلك من محطة القطارات التي تمنع التواصل مع تبرورة
تمثل محطة القطار حاجز حديدي بين صفاقس الحالية وتبرورة ، ازالته اكيدة لضمان التواصل بين مكونات المدينة عبر الشوارع الكبيرة شارع بورقيبة شارع بلهوان .
مفاتيح نجاح تبرره تكمن في إزالة هته العوائق لتكون صفاقس المستقبل METROPOLE على ضفاف المتوسط وقاطرة إقتصادية .

من الجنوب : يتمثل الحصار في قنبلة كيميائية رهيبة على بعد 3 كم من وسط المدينة أتت على الأخضر واليابس ، برا وبحر وهواء ومائدة مائية … 2000 هكتار ميتة وسط صفاقس . مائة مرة مساحة المدينة العتيقة ! نهاية هذه المعضلة مطلب أساسي للجهة مهما كان الثمن ، وشرط أساسي لإسترجاع الجاذبية والانتعاشة للإقتصاد والصناعة المستدامة . ومصدر رزق لعشرات الألاف .
في نفس الوقت ، توسعة الميناء من الناحية الجنوبية وربطه بالمناطق المهيأة بعد نهاية السياب ومع الطريق السيارة وسكة الحديد والمنطقة اللوجستية تمكن من قفزة نوعية للتنمية، ترجع بالفائدة على الجهة وعلى تونس ككل . وحتى على العلاقة مع ليبيا
أضف إلى ذلك تحويل الملاحة سيمكن من 15 كم من الساحل الجنوبي .

من الغرب : العلاقة الأزلية لصفاقس مع سيدي بوزيد وقصرٍين لم تجد البنية التحتية الملائمة سوى طريق عادية جدا . مع العلم أن إنجاز طريق سيارة سيمكن هاته المناطق، وحتى جنوب الجزائر ، من الإنتفاع من الميناء و المطار
بطبيعة الحال مطار صفاقس الذي أرادوا له أن يكون في حالة مقزمة ، يجب أن يتطور ويصبح في مكانة المدينة الثانية في تونس ويستجيب لطلبات 20% من سكان هذا الوطن العزيز ، ويخفف الضغط على مطار تونس قرطاج

خلاصة القول : صفاقس تمثل شرط أساسي لانتعاشة الإقتصاد التونسي ! صفاقس يجب أن تستعيد مكانتها كقاطرة إقتصادية ، وذلك باسترجاع الجاذبية التي فقدتها . رفع الحصار على صفاقس بنهاية المنظومة الفوسفاتية داخل المناطق السكنية ، وإزالة العوائق المذكورة ، والإنطلاق في مشاريع مهيكلة مستدامة ,في صالح صفاقس في صالح جنوب تونس في صالح تونس بأكملها .

بقلم الدكتور أنور عبد الكافي

قد يعجبك ايضا