بنتاغون صفاقس .. بقلم حاتم الكسيبي

سوق قريعة

لا يعتقد أحد في صفاقس أن سوق الحوت أو بنتاغون صفاقس كما يحلو لعديد صفحات التواصل الاجتماعي تسميته أنّه مجرد مركز لتسويق السمك الطازج في مدينة منتصبة على ساحل البحر. القصة أعمق من ذلك بكثير بل وضاربة في القدم إذ يتميّز أهل المدينة بعادات و طرق لإعداد السمك لا تكاد تجدها في غيرها من مدن العالم. كذلك سوقها الذي تقسّم حسب ما يعدّه سكّان المدينة و أحوازها فذاك الباش و الحاج و غيرهما بائعي المخلّط و الشرافي و الأحناش وذاك بائع القرنيط و بومسيكة و الشوابي وهذا بائع القاروص والوراطة و الحمراي و على طرف السوق تجد من عرض لحم المحراث والقطاط و النعاسة و في الطرف المقابل بائع السردينة و البوقا و غيرها من باقي الأنواع.

هندسة ليس لها مثيلا في مدينتنا الجميلة ولا تعوّضها فضاءات بيع السمك بالمغازات الكبرى ولا الأبراج المنتصبة حديثا. ولعل ما يدور هذه الأيام من غضب و انزعاج في السوق وفي غيره من مناطق التزود لدليل على وجوب الاعتناء ببنتاغون صفاقس والأمر موكول للسلط الجهوية و لبلدية المدينة. هناك نقائص بالجملة دفعت المواطن لشراء “مرقته” من خارج سوق الحوت و من الأبراج تحديدا. تلك النقائص يعلمها الجميع ويحدثك عنها أي مرتاد وفيّ للبنتاغون الصفاقسي ولذا وجب التفكير في حماية هذا المعلم الرمز بتذليل صعوبات يلقاها رواده و المحافظة على مورد رزق العديد من العائلات التي تشتغل فيه. و تتمحور النقائص في محورين هامين أولهما تحسين الفضاء وتيسير الوصول اليه و ثانيهما المراقبة المستمرة للسوق.

أما الفضاء و إن جدّد بناؤه فهو يحتاج الى تنظيم محكم حتى يروق للزبائن ويساعد على ارتيادهم السوق. فما معنى انتصاب الباعة على الأرض والحال أن المكان المخصص فارغ بل تمتد في بعض الأحيان السلع المعروضة لتغلق الممر أو ينتصبون في وسطه فينزعج الرائح والماشي في السوق. كما وجب تخصيص محطة توقف منظمة و معلومة معلوم التوقف مع وصل اجباري تسليمه. كما وجب مراقبة الدخيلين عن السوق والذين ينتصبون هنا وهناك بعضهم يبيع سمكا و البعض الآخر دخانا جزائريا و جوارب وحلوى و خضار.

أمّأ المراقبة فقد ملّ المرتاد الى السوق من البيع القسري اذا طلب وزن كيلوغرام واحد فيضيف له رطلا أو أكثر أو أقل بتعلة الصرف، أضف الى ذلك الميزان الذي لا يجد راحته فيسرع الى الكفة و يرمى بمحتواها في الكيس البلاستيكي. لا أحدّثك أيضا عن السمكات التي تزيّن الطارة و عن الكفة التي تنغمس في أعماقها لتخرج آخرى هزيلة وقديمة.

لعل ما توفّره الأبراج هو المحطة المجانية و حسن العرض و اتاحة اختيار الأسماك و الميزان الالكتروني الذي يسجّل الوزن مهما قلّ أو كثر ثم يخبرك عن السعر بالتدقيق كما يتيح لك غسل اليدين والصابون فتهنأ بما اشتريت و تعد مرقة الأجداد كأيام زمان.

سوق الحوت في صفاقس

قد يعجبك ايضا