كسرت قيود الصندوق الدولى : التجربة البرازيلية جعلتها تدخل ضمن الاقتصاديات الخمس الكبرى فى العالم

البرازيلرغم اتهامه بالفساد خلال السنوات الأخيرة الماضية، يعتبر الرئيس البرازيلى البالغ من العمر 71 عاما “لولا دا سيلفا” الأكثر شعبية، وأحد أهم الشخصيات المؤثرة فى العالم، بل تعد تجربته هى الأنجح فى التاريخ المعاصر، ولا يزال الرئيس المفضل لدى الشعب البرازيلى.

من هو لولا دا سيلفا؟
لولا دا سيلفا هو الرئيس الـ35 للبرازيل، وتولى المنصب للمرة الأولى فى عام 2002 وأعيد انتخابه لفترة رئاسية جديدة فى 2006، وهو معشوق الشعب البرازيلى.وقد بكى يوم خروجه من القصر الرئاسى حبا للبرازيليين الذين تمسكوا به وكانوا لا يرغبون فى رئيس غيره، ولكن وفقا للدستور البرازيلى فكان لا يسمح لدا سيلفا الترشح لولاية ثالثة، وهو الذى قال عنه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما أنه أشهر سياسى على وجه الأرض.

ما هى إنجازات لولا دا سيلفا؟
المشهد الاقتصادى البرازيلى منذ الثلاثينات بدا شديد التعقيد مع تراكم الديون، ما جعل الاقتصاد هزيلا ضعيفا، وحين تولى دا سيلفا رئاسة البرازيل كانت الدولة آيلة للسقوط ومهددة بالإفلاس، ولكنه اتبع سياسات حقق فيها المعجزة التى جعلت منه الرئيس الأكثر شعبية فى تاريخ البرازيل.

وبدأ دا سيلفا باتباع سياسة تقشفية فى مخصصات البرامج الاجتماعية، وأثارت هذه السياسات جدلا كبير، كما تسببت فى انشقاقات واتهامات للرئيس بالتخلى عن انتمائاته اليسارية، وفشل فى البداية، ولكنه اتبع خطة جديدة للنهوض بالاقتصاد.

كيف شجع التصنيع والإنتاج فى بلاده؟
من خلال سياسة إحلال الواردات وتحقيق قفزة هائلة فى الصادرات، تحولت البرازيل من أنجح النماذج فى العالم فى تنفيذ هذه السياسة، حيث اعتمد دا سيلفا على انتهاج سياسة إنمائية تقوم على تشجيع الزراعة والصناعات التى تدعمها الدولة بصفة أساسية.

كما قام بتوسيع دائرة الروابط الاقتصادية مع دول العالم والتكتلات الاقتصادية الدولية وفى مقدمتها الاتحاد الأوروبى. وعمل على الدمج بين السياسة الصناعية والاستثمارية القوية بخليط من الاستثمارات الأجنبية والحكومية والخاصة. كما هيأ المناخ التشريعى والقانونى الجاذب للاستثمار ففى عام 2006 أجرت الحكومة البرازيلية تعديلا دستوريا لإرساء مبدأ العدالة السريعة، بعد أن عانى المواطن البرازيلى من بطء النظام القضائى الشديد، وشكل عقبة أمام جلب استثمارات جديدة.

نظم الاقتصاد غير الرسمى الذى يصل إسهامه فى الناتج المحلى الإجمالى إلى حوالى 40%، وأنفق الكثير على مشروعات البنية التحتية. عمل على تشجيع السياحة بصورة غير مسبوقة، مع استئناف برنامج خصخصة الشركات المملوكة للدولة.

كيف تعامل مع الديون؟
تمكن دا سيلفا من سداد جميع مستحقات صندوق النقد فى أواخر عام 2005، والتى كانت تقدر بـ15.5 مليار دولار، كما أنه سدد ديون الأنظمة السابقة قبل عامين من موعدها المحدد، وسددت جميعها من الاحتياطى النقدى البرازيلى.

وبعدما كسر قيود الصندوق الدولى، وحقق الاقتصاد البرازيلى قفزات هائلة جعلته على شفا الدخول ضمن الاقتصاديات الخمس الكبرى فى العالم، بل إنه أقرض صندوق النقد نفسه ما يقرب من 10 مليارات دولار فى 2009.

كيف حقق دا سيلفا النمو الاقتصادى؟
رغم الأزمة المالية العالمية، سجل المشهد الاقتصادى البرازيلى خلال عامى 2004، 2008 معدل نمو مقداره 5.1%، فالاقتصاد أصبح أقل حساسية لصدمات الطلب الاقتصادى الخارجى، وأكثر اعتمادا على السوق المحلى.

واستطاع الرئيس البرازيلى السابق خلال فترة رئاسته، أن ينقل البرازيل من الفقر المدقع عبر إصلاحات كبرى للنظام السياسى والاقتصادى، وعبر فترة الرئاسة لـ8 أعوام ضخ دا سيلفا مليارات الدولارات فى البرامج الاجتماعية، نجح معها فى محو عدم المساواة التاريخية فى البرازيل.

وتمكنت البرازيل طوال مدة حكمه من توسيع نطاق مساعدة الدولة للفئات الأكثر فقرا من خلال برنامج المنح الأسرية، حيث قدم المساعدة إلى 44 مليون شخص، وعلى مستوى الأجور ومعدل التضخم فى البلاد، وهما من أهم ما يشغل بال مواطنى أى دولة فقيرة، استطاع أن يرتفع بالحد الأدنى للأجور، لتصبح أعلى من معدل التضخم، كما استطاعت البرازيل طوال فترة حكمه تحقيق فائض بميزانها التجارى، ومساعدة الأسواق المالية عن التخلى عن مخاوفها.

ما السبب وراء حب شعبه الشديد له؟
من الأسباب التي جعلت لولا دا سيلفى يحظى باحترام وتقدير شعبه والعالم أجمع، هو رفضه الاستمرار فى منصبه بعد انقضاء مدة ولايته، على الرغم من إن ذلك كان مطلبا شعبيا، ولكنه رأى إن عليه أن يكون قدوة، وأن يحترم الدستور المحدد به مدة الفترة الرئاسية وعدد مرات الولاية، فخرج الشعب البرازيلى فى تظاهرات حاشدة ليودع دا سيلفا بالدموع، معبرين له عن مدى حبهم وامتنانهم له.

قد يعجبك ايضا