مندوب جهوي للفلاحة يرفض تنفيذ أمر الوزير بخلاص شركة أنجزت أشغالا مطابقة لفائدة الدولة !!

بئر - إنجاز أشغال - المنستير

 

هذه المسألة تبدو في ظاهرها سهلة ولا تحتاج إلى كل هذا الجدل الذي أقيم حولها وبسببها أو هذا المسار المعقّد الذي تردّت فيه.

وإذ ننشرها فإن ذلك في إطار تسليط الضوء على مئات أو ربّما آلاف من الحالات الأخرى المشابهة لها وملخّصها أن الكثير من المقاولات والمؤسسات التونسية أنجزت أشغالا أو أسدت خدمات لفائدة الدولة ممثّلة في مختلف مؤسساتها لكن الدولة لم تسدد مستحقات تلك المقاولات والمؤسسات الخاصة لسبب أو لآخر ولعلّ الروتين الإداري والتغيير المستمرّ للحكومات والوزراء والمسؤولين يأتي في صدارة هذه الأسباب.

وقبل أن ننشر هذه “القصّة” (وهي مثلما قلنا قصّة من ألف) نذكّر بأن رئيس الحكومة هشام المشيشي قال منذ أيام إن من الشروط الأساسية لعودة الثقة بين المواطن والمؤسسات الخاصة من جهة والدولة من جهة أخرى أن تقوم هذه الأخيرة بتسديد ديونها تجاه الجميع ودون أي استثناء مؤكّدا أنه يدرك حجم المعاناة والخسائر التي تطال تلك المؤسسات وأن الكثير منها بات مهددا بالإفلاس والفناء لأنه ببساطة أنجز أعمالا لفائدة الدولة لكنّها تعسّفت عليه ولم تسدد مستحقاتهم الواجبة والمحمولة على الدولة.

أما قصة اليوم فتأتي على لسان السيد خميس سلامة وكيل شركة سلامة للحفر والصيانة الذي قال:

” في إطار اختصاص شركتنا تم الاتفاق والتعاقد رسميّا على إنجاز أشغال بئر عميقة (170 مترا) لفائدة المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بولاية المنستير.
وقد انطلقت الأشغال في 21 جانفي 2019 وانتهت في 6 ماي 2019, حسب ما ينص عليه الاتفاق.

وتبعا لذلك قمنا بإصدار فاتورة بقيمة 129 ألف دينار وتمّت المصادقة على الأشغال من قبل كافة ممثلي المندوبية الذين أمضوا على محضر الاستلام ما عدا المندوب الذي رفض الإمضاء وبالتالي رفض تسديد مستحقاتنا.

ولا شكّ أن السبب الذي استند إليه المندوب وعلّل به رفضه غريب ومضحك في نفس الوقت, فهو من ناحية يقول إنه ليس فنيّا حتى يمضي على أمور فنيّة.. ومن ناحية أخرى “عاقبنا ” على ذنب لا علاقة لنا به لا من قريب ولا من بعيد ويتمثّل في أن الماء الذي أنتجته البئر شديد الملوحة ؟ وهذا أمر لم يأت به الأوائل ولن يأتي به أي فنيّ أو خبير أو أي عاقل في العالم, فالأشغال التي طلب منّا إنجازها تمّت بكل دقّة وحسب المواصفات الفنيّة المطلوبة منّا وقد أمضى الفنيّون (بمن فيهم المهندس المشرف على الأشغال) على محضر الاستلام بعد أن عاينوا وتثبّتوا من عدم وجود أي إخلال مهما كان حجمه أو نوعه.

وأمام استحالة التفاهم والوصول إلى حلّ قمنا بتقديم شكوى إلى وزارة الفلاحة بتاريخ 3 جوان 2019 وأعطى الوزير تعليماته لتسديد مبلغ الفاتورة لكن المندوب السابق رفض مجددا تسديد المبلغ.

وبتاريخ 7 نوفمبر 2019, التأمت جلسة بمقر الوزارة حضرتها كافة الأطراف المعنية وتم استعراض الوضع وتقرر تصوير البئر بآلة الكاميرا للتأكّد من حالتها , وهو ما حصل فعلا بتاريخ 11 نوفمبر 2019, حيث تم التصوير بالكاميرا و التأكّد من أن الأشغال أنجزت بالكامل دون أي خلل.

وإثر ذلك التأمت جلسة ثانية بمقر الوزارة بتاريخ 28 نوفمبر 2019 حضرتها نفس الأطراف التي تأكّدت من عدم وجود أي خلل فنّي يعود بالنظر إلى المقاولة التي طلب منها آنذاك القيام بأشغال تكميلية ذات جدوى محدودة لكنّها ليست من اختصاصها.

وفي البداية رفضنا القيام بتلك الأشغال التي لم ينص عليها الاتفاق وطالبنا باتفاق تكميلي يضبط ما علينا وما لنا حتى يلتزم كل طرف بما عليه خاصة أن المطلوب منّا كان تفاديا لخطأ من قبل الإدارة وليس من قبل الشركة.

وقد بقيت الوضعيّة على حالها حتى شهر سبتمبر 2020 حيث قبلنا في إطار وساطة القيام بتلك الأشغال التكميلية بشرط أن تلتزم المندوبية بتسديد ما عليها تجاه المقاولة إثر انتهاء الأشغال مهما كانت النتيجة الحاصلة, أما النتيجة فقد بقيت على حالها وهي مواصلة المندوب رفض خلاص الشركة لأسباب بعيدة كل البعد عن أي منطق.

وفي الأثناء تمت نقلة المندوب إلى مكان عمل آخر وحلّ مندوب جديد محلّه, ومن خلال اتصالاتنا لمسنا لدى المندوب الجديد رغبة في تسوية هذا الملف وغلقه نهائيا لكن إلى حد اليوم لم يتغيّر أي شيء.

وفي الأثناء أيضا قمنا بإعلام وزيرة الفلاحة الجديدة وعلمنا أيضا بأنها عازمة على تسوية الملف طالما أنه لا تشوبه أيّة شائبة إجرائية أو قانونية بل بالعكس فإن تسويته تعتبر إنصافا للشركة ورفعا لمظلمة طال أمدها أكثر من اللازم.

وفي الخلاصة لقد مضت اليوم سنة و 4 أشهر منذ انتهاء الأشغال ولم نحصل على مستحقاتنا المالية رغم إنجاز ما تعاقدنا بشأنه دون أي خلل فنّي يعود إلينا بالنظر ورغم تعليمات وزير الفلاحة سابقا الذي أمر بتاريخ 17 جويلية 2019 بتسديد مستحقاتنا.

وبناء على كل ما سبق نرجو من وزيرة الفلاحة التدخّل السريع لرفع هذه المظلمة وإنقاذ مؤسسة باتت مهددة بالإفلاس والإندثار.

هذا ما جاء على لسان وكيل الشركة الذي وضع على ذمّتنا ملفّا يحتوي على كافة الوثائق التي تثبت كلامه.

ونرجو أن تتدخّل وزيرة الفلاحة لتضع حدّا لهذا العبث وتنفيذا لما تعهّد به رئيس الحكومة في خطابه منذ أيام لأننا ندرك فعلا أنه لا سبيل إلى أن تستعيد الدولة ثقة المتعاملين معها إلا إذا سعت وبكل سرعة إلى خلاص مستحقاتهم المالية.

قد يعجبك ايضا