مأساة بين الغابون وصفاقس : الشاب “رمزي” يعلم والدته بقدومه.. ثم يعود إليها في صندوق !

رمزي بن رجب حسني

اهتزت منطقة اولاد يوسف طريق الحنشة، مطلع هذا الاسبوع على وقع مأساة، تتمثل في وفاة احد ابنائها المهاجرين في افريقيا وتحديدا بدولة الغابون بسبب الاهمال الطبي، ما خلف صدمة في نفوس أهله واقاربه واصدقائه لما عرف به من دماثة اخلاق وطيبة معشر، ومن المنتظر ان يصل جثمانه يوم الاربعاء 23 جانفي 2019.

ووفق جريدة الصباح ، فإن الشاب يدعى رمزي بن رجب حسني (25 سنة) سافر منذ سنوات الى الغابون بحثا عن شغل يحفظ له كرامته ويؤمن به حياة افضل من اجل بناء مستقبله، فكان له ما اراد حيث عثر على موطن شغل بمغازة تجارية كبرى، وكان على اتصال دائم بعائلته وخاصة والدته السيدة يامنة التي لم تصدق الى الان ان فلذة كبدها رحل وفارقها الى الابد..

..وانقلبت الحياة
طوال هذه السنوات عاد رمزي الى تونس في مناسبتين (الاخيرة عام 2016) حيث زار اسرته وطمأن والديه على ظروف عيشه، ولكن خلال العام الفارط انقلبت حياة الشاب التونسي رأسا على عقب، بعد ان وجد نفسه في السجن وخلف القضبان لسبب تافه يتمثل في خلاف عرضي في الشارع مع مهاجر لبناني قالت العائلة ان له سلطة كبيرة على المسؤولين هناك فانتقم من رمزي بالزج به في السجن. العائلة لم تبق مكتوفة الايدي بل سارعت الى التدخل لفائدة ابنها، وسافر نهاية العام الفارط شقيقه الى الغابون للاطلاع على مظروفات القضية وأناب محاميا للدفاع عنه، ما مكن من الحصول على وثيقة عفو وبراءة رمزي.

عاد الشقيق الى تونس.. اخبر اسرته بالتطورات الايجابية، وبقرب مغادرة رمزي السجن، ولكن جرت الرياح فجأة بما لم تشته العائلة، اذ يتردد ان رمزي اصيب وهو في السجن بلسعة بعوضة سامة، ما تسبب في تدهور حالته الصحية بعد ايام من الواقعة، لذلك تم نقله الى المستشفى، ولكن حالته لم تتحسن بسبب افتقار المستشفى للمعدات الطبية اللازمة، فقام احد اصدقاء شقيقه بنقله الى مصحة خاصة في العاصمة الغابونية “لوبريفيل” في انتظار قدوم احد افراد اسرته للعودة به الى تونس لمواصلة العلاج.

اخر اتصال
رغم حالته الصحية ظل رمزي يتصل بعائلته وخاصة أمه، ليبدد حيرتها وقلقها ويطمئنها، وقبل يوم من وفاته اتصل بوالدته، واعلمها ان حالته الصحية تدرجت نحو الافضل، وانه قرر العودة الى تونس على ان يصل يوم الاربعاء اي اليوم-وفق ما افادتنا به مصادر من العائلة-، اضافة الى انه طلب في اخر اتصال له من والدته ان تحضر له اطعمة يحبذها عند قدرمه.

الصدمة..
فرحت الأم يامنة بالخبر السعيد الذي زفه لها فلذة كبدها، وهي التي لم تحتضنه منذ فترة طويلة نسبيا.. وبقي الخبر يرن في اذنيها(هاني لاباس يامّي.. الحمد لله خير برشة و هاني بش نروحلكم إن شاء الله يوم الاربعاء)، وباتت تعد الساعات والدقائق في انتظار قدوم ابنها.. ولكن بعد ساعات قليلة من ذلك الاتصال نزل الخبر الصاعقة على الجميع… مات رمزي.. نعم مات رمزي.. صدم الكل.. ذهل الكل.. بكى الكل.. تألم الكل.. احتار الكل.. ولم يعرف احد منهم ماذا حصل، فقبل ساعات كان رمزي يمازح والدته ويخبرها بتحسن حالته الصحية وقرب عودته الى تونس..

تدهور صحي
بعد فترة من انهاء اتصاله بوالدته تدهورت الحالة الصحية لرمزي قبل ان يفارق الحياة داخل المصحة جراء الاهمال الطبي والتقصير في العناية به، خاصة في اللحظات الاولى التي عقبت عملية اللسع عندما نقل الى المستشفى.. ومن المنتظر ان يصل جثمانه اليوم الى تونس… اي في نفس اليوم الذي وعد به والدته.. بقي رمزي لن يحتضن هذه المرة والدته ولا والده ولا اخاه ولا اخواته الثلاث ولا اقاربه ولا اجواره.. ولن يقبلهم ولن يقبلوه.. فقط سيلقون عليه نظرة الوداع.. في انتظار ما ستكشفه الايام القادمة عن ملابسات هذه الوفاة الصادمة.

قد يعجبك ايضا