صفاقس المشاريع المعطّلة وتراجع المؤشرات التنموية أبرز الرهانات والملفات المطروحة أمام نواب الجهة الجدد في البرلمان المرتقب

صفاقس من فوق خريطة قمر صطناعي

يُعدّ تعطّل المشاريع الكبرى في ولاية صفاقس ذات المليون ساكن، وتراجع المؤشرات التنموية فيها على الصعيدين المحلي والجهوي، من أبرز الرهانات والملفات الحارقة التي يواجهها نواب الجهة الجدد المنتظر انتخابهم في انتخابات 17 ديسمبر القادم ليمثّلوا الجهة في البرلمان القادم ويساهموا في النهوض بأوضاعها الاجتماعية والتنموية والاقتصادية السيّئة.

وتمثّل هذه الملفات الحارقة قاسما مشتركا لكن بدرجات متفاوتة للدوائر الانتخابية ال13 التي تعدها الجهة، والتي حددّها المرسوم عدد 55 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 المتعلق بضبط الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصّصة لها، وهي 7 دوائر (تضم 8 معتمديات) بصفاقس 1، و6 دوائر (تضم 8 معتمديات) بصفاقس 2.

التقهقر في مؤشر التنمية وتعطّل المشاريع العمومية

تشير المعطيات والإحصائيات الرسمية إلى تقهقر ولاية صفاقس إلى المرتبة التاسعة في ترتيب ولايات الجمهورية من حيث مؤشر التنمية لسنة 2021 بعد أن كانت في كوكبة الولايات الأولى في ما مضى، وتسبقها حاليا ضمن هذا المؤشرات ولايات تونس، وبن عروس، والمنستير، وسوسة، وأريانة، ونابل، ومنوبة، ومدنين.

ويشمل مؤشر التنمية، بحسب المدير الجهوي للتنمية بصفاقس، خالد علولو، عديد المؤشرات المتّصلة بالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، و”يقع احتسابه على قاعدة 4 مجالات هي تباعا ظروف العيش، والوضع الاجتماعي، والرأس المال البشري، والوضع الاقتصادي، وسوق الشغل”.
كما تتواصل في ولاية صفاقس معضلة تعطّل المشاريع العمومية ولا سيما المشاريع الكبرى، ما انجرّ عنه نزول ثقة المواطنين في المسؤولين الحكوميين والسياسيين إلى أدنى مستوياتها.

ومن هذه المشاريع التي طال انتظار تجسيمها في منطقة صفاقس الكبرى دون جدوى إلى اليوم مشروع “تبرورة”، ومشروع المدينة الرياضية، ومشروع “ترامواي” صفاقس، ومشروع المكتبة الرقمية، ومشروع إزالة التلوث من السواحل الجنوبية، والتي بقيت جميعها حبرا على ورق المخططات وبرامج السياسيين.

وحتى خارج دائرة صفاقس الكبرى، فإنّ المعتمديات الداخلية وذات الطابع الريفي تعُدّ بدورها قائمة كاملة من المشاريع غير المنجزة، وسلسلة من الصعوبات لعلّ في مقدمتها التفاوت بين مدينة صفاقس وعمقها الريفي في باقي المعتمديات.

وتتصدّر قائمة المشاريع المعطّلة في هذه المعتمديات مشروع دراسة تنمية منشآت ميناء الصخيرة المقدّرة كلفته بمليونين و400 ألف دينار والمعطّل منذ 2016، والذي ألقى بظلاله على باقي مكوّنات المنظومة الاقتصادية، محليا وجهويا حيث يتوقف عليه تنفيذ عدد من المشاريع منها مشروع “تبرورة”، وتهيئة الميناء التجاري، ونقل مجموعة من الوحدات الصناعية ،وجعل ميناء الصخيرة ميناء متخصّصا في الأنشطة الكيميائية والبترولية وغيرها من البرامج.

وتعرف عديد المشاريع الأخرى كذلك صعوبات في الإنجاز ومنها المنطقة اللوجستية بقرقور، وإحداث منطقة صناعية بالقنة (عقارب)، وتهيئة شبكة الماء الصالح للشراب ببوجربوع، ومشروع توسعة المنطقة الصناعية بدخان من معتمدية الحنشة، ومشروع تطهير مدينتي الصخيرة وبئر علي بن خليفة، ومشروع إعادة هيكلة مركز التكوين والتدريب المهني بقرقنة، وبناء مدرسة إعدادية بطينة، وصعوبات الاستغلال بالنسبة للمستشفى الجهوي ببئر علي الذي بقي يشكو من نقائص في التجهيزات والموارد البشرية وغيرها.

أسباب تعطّل المشاريع العمومية

ويكشف تقرير الجهات الرسمية، المنجز بمناسبة جلسة المقاربة بين المشاريع الجهوية والقطاعية المقترحة، المنعقدة في شهر سبتمبر الماضي في إطار الإعداد للمخطط التنموي 2023-2025، عن جملة من الإشكاليات التي اعترضت إنجاز المشاريع العمومية.

ويشير التقرير في هذا السياق إلى “الإشكاليات العقارية الناتجة عن ندرة الأرض، وصعوبة إجراءات تخصيصها لإنجاز المشاريع العمومية المبرمجة”، و”طول الإجراءات الخاصة بإبرام الصفقات العمومية وتعقدها، وقلة المقاولات القادرة على إنجاز المنشأة المطلوبة في الآجال المحدّدة”، و”مركزية القرار بخصوص المصادقة على الصفقات الخاصّة بالمشاريع المهيكلة الكبرى والمشاريع الراجعة بالنظر للمؤسسات العمومية”، و”تجاوز تكلفة إنجاز بعض المشاريع لتكلفة البرمجة الأولية (قطاعات التربية والشباب والرياضة والتنمية المندمجة…)”.

كما يشير إلى أن “التأخر في فتح إعتمادات الدفع بالنسبة للعديد من المشاريع الجاري إنجازها في العديد من القطاعات ومنها البرنامج الجهوي للتنمية، وقطاع التربية وقطاع الصحة وغيرها، قد سبّب إشكاليات بالنسبة للمقاولين وأدى إلى إفلاس بعضهم”.

إشكاليات الاستثمار الخاص على الرغم من دوره ومكانته في مسار التنمية بالجهة، حيث ساهم بنسبة 60 بالمائة من الاستثمارات المنجزة خلال الفترة المنقضية 2016-2021 مقارنة باستثمارات القطاع العمومي التي لم تتجاوز 23 بالمائة، يصطدم القطاع الخاص في صفاقس بمجموع من الصعوبات والعوائق.

ومن أبرز الإشكاليات التي تقضّ مضجع المستثمرين ورجال الاعمال في صفاقس، كما يبيّن ذلك رئيس مكتب صفاقس بمنظمة كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية “كوناكت”، طارق بن عياد، “ضعف البنية التحتية المتصلة بالنقل واللوجيستيك والطرقات والمناطق صناعية والموانئ والشبكات التطهير والاتصالات، وطول الإجراءات المتعلقة بدرس ملفات للتمويل من قبل البنوك، وصعوبات ناتجة عن اضطراب العمل خلال جائحة “كورونا” التي غيّرت طبيعة المنظومة الاقتصادية والتي لم تقابلها المساعدات الضرورية من الدولة والبنوك”.

وأشار إلى ما عبّر عنه ب”غياب التشريعات الجبائية المحفزة والعادلة وضعف البنية الأساسية في ظل وجود مطار محدود النشاط ومناطق صناعية متهرئة ومعطلة للاستثمار المحلي والأجنبي، وغياب استراتيجية لاستعادة مواطن الشغل جراء المؤسسات التي عرفت صعوبات ومنها مؤسسات النسيج وقطاع البناء والمقاولات”.

من جهته، قال رئيس غرفة التجارة والصناعة لصفاقس، رضا الفراتي، إن مؤسسات القطاع الخاص تأمل أن تضع الدولة خطّة متكاملة لتلافي إشكاليات تراجع القدرة التنافسية لاقتصاد الجهة، وضعف الاستثمار الخارجي، ومركزية القرار في الهياكل البنكية والإدارية ولا سيما المالية والجبائية والديوانية، وطول الإجراءات الإدارية المتعلقة بالحصول على التراخيص الضرورية، ونقص اليد العاملة المختصّة التي تحتاجها المؤسسات الصناعية، وعدم استقرار الأسواق التصديرية خاصة مع دول الجوار، وتطوّر القطاع الهامشي غير المنظم الذي قضى على العديد من الصناعات المحلية كصناعة الأحذية والنسيج .

وحذّر طارق بن عيّاد من تواصل تضخّم القطاع غير الموازي الذي صار حجمه يفوق حاليا 60 بالمائة من المنظومة الاقتصادية، مقابل تراجع حجم القطاع المهيكل الذي يقدّر حاليا بقرابة 40 بالمائة، خاصة في ظلّ الأزمة العالمية الخانقة، وغياب رؤية لتلافي الأخطاء والمشاكل في السياسة الاقتصادية الوطنية لا سيما على الصعيد الجهوي.

يذكر أن الخارطة الانتخابية التشريعية 2022 بولاية صفاقس تعد 13 دائرة انتخابية تشرف عليها هيئتان فرعيتان للانتخابات هما الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات صفاقس 1 والهيئة الانتخابية المستقلة للانتخابات صفاقس 2. وتضم صفاقس1 سبع دوائر هي على التوالي دائرة ساقية الدائر، ودائرة ساقية الزيت، ودائرة قرقنة، ودائرة الحنشة، ودائرة بئر علي بن خليفة، ودائرة منزل شاكر، ودائرة جبنيانة والعامرة.

في المقابل تضم صفاقس 2 ستّ دوائر هي على التوالي دائرة صفاقس المدينة، ودائرة صفاقس الغربية، ودائرة صفاقس الجنوبية، ودائرة طينة، ودائرة عقارب، ودائرة المحرس والغريبة والصخيرة .

وات

قد يعجبك ايضا